ألا ترى أنهم قالوا فيمن اشترى عبدين ونفذ البيع فيهما جميعاً بألف، فإذا أحدهما مدبراً: إن البيع نافذ على الثاني بحصته من الثمن كأنهما كانا عبدين، ونفذ البيع فيهما جميعاً ثم هلك أحدهما قبل التسليم فإن الباقي يبقى بحصته من الثمن، ولم يعتبر بما لو باع عبدين بألف درهم إلا هذا بحصته من الألف لأحدهما بعينه فإن البيع يفسد في الباقي كأنه باعه وحده بحصته من الألف لو قسم عليه وعلى الآخر على قدر القيمة.
وكذلك لو كان أحدهما حراً لأن الاستثناء يبطل الصيغة فيجعله متكلماً ببيع جميع الذي يبقى بعد الاستثناء وحده كأنه ما تكلم بالآخر فيصير بائعاً بثمن المجهول، والجهالة تمنع الصحة.
وكذلك إذا كان أحدهما حراً لبطلان الكلام فيه لعدم المحل، وفي مسألة المدبر لا يكون هكذا لأن البيع عمهما جميعاً وهما حل له لقيام المالية المتقومة التي تقصد بالأشرية وانعقد من الصيغة موجبة عمومها، ولكن النفاذ والعمل امتنع في المدبر لمانع فيه من استحقاق له فاعتبر في حق الانعقاد جملته، وجملة الثمن معلومة وإن كان المدبر في حكم الاستحقاق والعمل به كأنه لم يدخل تحته، وجعل كأنه خرج بعد الدخول في الصيغة فلم يفسد العقد في الآخر لأن طريان الجهالة لا يوجب فساد العقد.
وكذلك إذا باع عبدين له بألف على أنه بالخيار ثلاثة أيام في واحد منهما بعينه فإن ثمنه لا يجب والبيع لا يعمل فيه ويصح في الآخر ويعمل.
وكذلك يبقى على الصحة لو فسخ العقد في الذي فيه الخيار لهذا المعنى، واعتبر بالذي ملك ثم فسخ، وهذه مسألة لا خلاف فيها.
وإذا كان كذلك اقتصرت جهالة دليل الخصوص أو الشك عليه ولم يتعد إلى العام في حق الصيغة فلا يصير العام مجملاً مجهولاً أو مشكوكاً فيه بما وقع في دليل الخصوص كما لو جاء ناسخاً وهو مجمل في نفسه فإن الأول لا يصير منسوخاً به حتى يقترن به البيان ولكن لما كان في حق الحكم بمنزلة الاستثناء على ما بينا أنه يتبين به أنه لم يدخل تحت العموم حكماً، وإن دخل صيغة اعتبر بالاستثناء في حق الحكم فالجهالة في دليل الخصوص توجب جهالة في حكم العموم فلا يبقى يقيناً.
وكذلك إن كان الخاص معلوماً لأن النص معلول عندنا في الأصل ما لم يتبين خلافه، والعلة تكون أعم من النص فيتعدى إلى ما وراءه ولكن لا يجب العمل به ما لم يقم دليل لتركه، على ما يأتيك بيانه، فيصير بمنزلة المجمل الذي هو حجة ولكن لا يجب العمل به إلا ببيان.
فمن حيث قيام دليل موجب حكماً بخلاف العام لم يبق العام موجباً علماً على سبيل القطع من حيث لم يجب العمل بالدليل الذي أوجب التخصيص بقي العام معمولاً به،