باب
القول في بيان الطرد الفاسد ظاهرا
الطرديات الفاسدة أربعة أنواع:
نوع منها معروف ببداهة العقول من غير تأمل في الأصول، كقولهم: الفاتحة فرض قراءتها في الصلاة، لأن الصلاة عبادة ذات أركان مختلفة لها تحريم وتحليل، فوجب أن يكون من أركانها ذو عدد سبع قياسا على الحج ووجوب الطواف فيه.
وكقولهم: إن السبعة إحدى عددي صوم المتمتع، فوجب أن لا تجوز الصلاة إذا قرأ بدونها قياسا على الثلاث.
وقولهم: الثلاث أحد مدتي المسح فلا يتأدى بها فرض القراءة قياسا على الواحدة، فالواحدة ناقصة القدر عن السبع فلا يتأدى بها فرض القراءة قياسا على نصف الآية.
ويحكى عن كثير من شيوخهم أن الوطء فعل ينطلق مرة ويتعلق أخرى، فلا تثبت به الرجعة قياسا على القتل.
وسمعت واحدا من شيوخنا يحتج لإبطال النية في الوضوء بأن الوضوء فرض عين تقام في أعضائه فلا تكون النية شرطا لأدائه قياسا على قطع اليد قصاصا أو في السرقة، هذا مما يعرف ببداهة العقول فسادها فإنه لا مشابهة بين القطع والوضوء بوجه، ولا بين مدة المسح ومقدار القراءة، ولا بين أركان الحج وأركان الصلاة، وإن هذا الضرب مما لا يوجد في كلام السلف له نظير، ولكنه شيء أحدثته حشوية أهل الطرد، وأما السلف فما جوزوا إلا بأوصاف مخيلة أو ملائمة.
وأما النوع الثاني: فرد فرع إلى أصل لا يكاد الأصل يمتاز عن الفرع إلا بضم ما هو علة الحكم إليه، نحو قولهم: إن مش الذكر حدث، كما إذا مس وبال فإنه لا زيادة فيما جعله أصلا إلا البول وإنه حدث بالإجماع، وقد عدم ذلك في الفرع فيسقط اعتباره لإيجاب الحكم في الفرع فلا يبقى بعده إلا المس المختلف فيه، وإعتاق المكاتب لا يجوز عن الكفارة قياسا على ما إذا أدى بعض النجوم لأنه لا زيادة في الأصل إلا أخذ بعض العوض وإنه علة مانعة من التفكير، وقد عدمت في الفرع فتبقى العبرة لما بعده، وما بعده إعتاق المكاتب وإنه مختلف فيه. وشراء الأب لا يكون تكفيرا قياسا على ما إذا حلف بعقته إن اشتراه لأنه لا زيادة في الأصل إلا اليمن بعتقه وهو علة مانعة من التفكير