فصل
والدلالة على فساد قول من قال بالوقف من وجوه:
أحدها: أنَّا لا نقول له: هل تعلم التوقف مباح أم لا؟
فإن قال: بلى، فقد استباح شيئاً بعقله دون الشرع.
وإن قال: لا أعلم استباحته، ثم قَدِم عليه.
قيل له: فهلاَّ كان هذا حالك مع سائر المنافع؟
ونقول له: هل تعلم وجوب التوقف عليك أم لا؟
فإن قال: لا أعلم، وجب أن لا يلزمك الإقدام عليه، أعنى: الاقدام على التوقف.
وإن قال: بلى.
قيل له: إذا جاز أن تعلم الوجوب بعقلك، فلم لا يجوز أن تعلم الحظر والإباحة؟
ونقول له: إذا جاز أن تعلم جواز ترك الإباحة والحظر بالعقل، فهلاَّ يجوز أن تعلم جواز الإقدام على المنافع أو جواز حظرها؟ وما الفرق بينهما؟
فإن قيل: الفرق بينهما: أنه لعله في الإقدام عليه مفسدة.
قيل: فيجب أن تقول بحظره؛ لأنه لا مفسدة فيه.
وعلى أنه يجوز أن يكون في التوقف (1) مفسدة أيضاً.
ويقال له: ليس تخلو الأشياء من إباحة أو حظر، فلا معنى للتوقف (1) ، إذ ليس تخلو من أحد هذين القسمين.
فإن قيل: هو وإن كان هذا حالها، فلا أدري أيهما حكم الله تعالى.