صحتها، فمن ادعى بطلانها فعليه الدليل.
وأن ملْك المسلم ثابت بالإِجماع، وإذا ارتد اختلفوا في زواله، فمن ادعى زواله فعليه الدليل.
وإذا اصطاد الحلال، ثم أحرم لم يَزُل ملكُه؛ لأنا قد أجمعنا على ثبوت ملكه قبل إحرامه، فمن ادعى زوالَه فعليه الدليل.
وإذا وقعت النجاسة في الماء ولم تغيره أجمعنا على طهارته قبل وقوعها، فمدعي النجاسة يحتاج إلى دليل.
وفي بيع أمهات الأولاد أجمعنا على جواز بيعها قبل الاستيلاد، فمدعي المنع بعد ذلك عليه الدليل.
وما يجري هذا المجرى من المسائل.
ودليلنا على ذلك:
أن الإِجماع دلالة على الحكم كسائر الأدلة، فوجب اعتباره في الموضع الذي تناوله، والإجماع لم يتناول صحتها بعد (1) وجود الماء، وقد زال في الموضع المختلف فيه، فلم يجز التمسك به في مواضع الخلاف، وصار كالنص متى تناول موضعاً لم يجز حمله على غيره.
وقد قال بعضهم (2) : إن داود أنكر القياس ثم صار إليه من غير علته، فكأنه أنكر القياس الصحيح، وقال بالقياس الفاسد؛ لأنه قياس بغير علة.
فإن قيل: نحن لا نستدل بالقياس، وإنما نستدل بالإِجماع في موضع الخلاف.
قيل: الاستدلال بالإِجماع لا يصح بعد زواله، وإنما يصح الاحتجاج به مع بقائه؛ لأن الدليل إذا زال، زال الحكم المتعلق به.
وقد قرر هذا الدليل من وجه آخر، وهو: أنه إذا شرك بين الحالين في