فائدة.
فأما الشرعيات فهي علامات، ومعلوم أنها ليست بعلامة لمعرفة حكم الأصل، وإنما علامتها السمع الوارد. فإذا لم يعلم منها فائدة كانت كعدمها.
أما العلة المنصوص عليها، فإنه يحمل الأمر فيها على أنها بيان لعلة المصلحة التي لأجلها أبيح أو حُظِر. وعِلَلُ المصالح لا تُعلم بالاستخراج، وإنما تُعلم بالتوقيف، وكلامنا في العلة التي تستخرج من عِلَل الأحكام، وليست بمتعدية.
وجواب آخر، وهو: أن قول أصحاب الشريعة يوجب هذا المعنى، فيحصل (1) بالمتعدية (2) وغيرها، تجرى مجرى العلة العقلية، وهذا المعنى معدوم في تعليلنا.
فإن قيل: فيها فائدة، وإن كانت مقصورة، و هي أن يُعلم معنى الحكم (3) ، وأنه ليس مما استأثر الله بعلمه.
قيل: لا فائدة في معرفة معنى الحكم إذا لم يتعد إلى غيره، لأنه لا يفيد إلا ما أفاده النص. وقد بينَّا هذا في التي قبلها.
فإن قيل: فيه فائدة أخرى، وهو أن نعلم علة المصلحة به.
قيل: علة المصالح لا طريق إلى معرفتها، إلا من جهة التوقيف. ألا ترى أن موسى عليه السلام، أنكر ما حصل من صاحبه من خرق السفينة، وقتل الغلام، وإقامة الحائط الذي أراد أن ينقضَّ، ولم يعرف وجه المصلحة في ذلك حتى
وقف عليه، فلم يكن للتعليل حظ في معرفة علة المصلحة.
وعلى أن الأصل إنما يعلل لطلب علة الحكم دون علة المصلحة؛ لأن علة