الحكم فيما يكون عليه الأصل من الأوصاف، وعلة المصلحة إنما هي في المعبَّدين
دون الحكم، من حيث إن الله تعالى قد علم أنه لو لم يتعبد المكلف بما يتعبده به فَسَد، فكانت مصلحته في التعبد.
فإن قيل: فيه فائدة أخرى، وهو أن يمنع رد غير المنصوص عليه إلى المنصوص عليه، ويعلم أن الحكم مقصور عليه لا يتعداه.
ويفيد أن الحكم ثبت في المنصوص عليه لهذه العلة. فربما حدث ما يوجد فيه تلك العلة فيقاس عليه.
قيل: الشرع ورد في تعليل الأصول ليقاس عليها، لا للمنع من القياس، فلم يصح أن يقال: إن الفائدة منع رد غير المنصوص علمِه إلى المنصوص عليه.
فإن قيل: إنما يعلم أن العلة متعدية أو مقصورة بعد استنباطها، وثبوتها، وصحتها. وقبل 212/ب ذلك لا يعلم. والخلاف في صحتها في الأصل.
وهل يجوز استنباطها وجعلها (1) علة، فكيف يجوز أن يستدل على جواز استنباطها وجعلها علة، ما لم تثبت بعد استنباطها وثبوتها؟!
قيل: يجوز أن يطلق على العلة الفساد قبل استنباطها، للعلم بفسادها من جهة الشرع، كما يطلق الصحة عليها قبل استنباطها، وكما يطلق عليها الفساد قبل استنباطها لعدم الوصف أو الأصل، كذلك هاهنا.
فإن قيل: لا يمتنع أن تكون علة صحيحة، وإن كانت دالة على ما دل عليه النص. كما أن خبر الواحد يكون دالاً على ما دل عليه نص القرآن، ويكون صحيحاً.
قيل: نص القرآن وخبر الواحد، كل واحد منهما يدل على نفس الحكم، وما اختلفنا فيه يدل على علته، وعلة الحكم من شأنها أن تكون متعدية مفيدة.
بدليل علة الربا، النص ورد على ستة أشياء، فلما طلبنا علةَ الحكم وجب تعدِّيها،