قال: يحل شرب النبيذ، لأنه مائع يشتهى (1) شربه، فوجب أن يكون حلالاً، كالماء وسائر الأشربة، وقال: قام الدليل في الخمر فخصصها، لم ينفصل ممن قال: إنه مائع يشتهى (2) شربه فوجب أن يكون حراماً كالخمر.
وقد قام الدليل على الماء وسائر الأشربة فخصصها.
وهذه الطريقة أصح، إذا لم يكن المعلِّل دل على صحة علته.
فأما إذا دل على صحة علته بالتأثير لم يصبح القلب؛ لأن التأثير لا يوجب العلة في الحكمين جميعاً، ولا يجوز أن يؤثر إلا في أحدهما.
وقيل أيضاً: بأنه لو جاز تخصيص العلة لم يوجد في شىء من العلل مناقضة؛ لأن كل واحد من أوصاف علته مع ارتفاع حكمها يمكنه أن يخصصها.
ولا يلزم النقض أبداً، إذ في اتفاقنا على أن من العلل الشرعية ما يتوجه عليها النقض دليلٌ على امتناع جواز تخصيص العلة.
وهذا لا يلزم المخالف؛ لأنه يقول: جواز تخصيص العلة بشرائط وهى:
أن يكون مدلولاً على صحتها في الأصل.
ولا تكون مدعاة.
وأن يكون الموضع الذي خص العلة فيه من المواضع التي دلت الدلالة على تخصيص هذه العلة منها.
ومتى أخل المستدل بشىء من هذه الشرائط، ثم أوجد العلة بجميع أوصافها مع عدم الحكم، كان دليلاً على نقضها (3) .
ولأنه لا يخلو إما أن يجب إجراء العلة في الفروع لنفسها أو بدليله. فإن