ألا ترى أن من كُلف طلب عبد آبق أو جمل شارد فإنه يصح؛ لأن ما كُلفه موجود.
وما يذهبون إليه من غلبة الظن أمر يحدث بعد الطلب، فلا يصح أن يكون الأمر بالاجتهاد لأجله.
واحتج المخالف: بقوله تعالى: (مَا قَطَعْتُم من لينةٍ أو تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَة عَلَى أصولِهَا فَبِإِذْنِ اللهِ) (1) .
فأخبر أن القطع والترك جميعاً من الله، وأحدهما ضد الآخر.
والجواب: أن هذه الآية وردت على سبب، وهو: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قطع نخل بني النضير وحرقها، قالت بنو النضير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنك كنت تنهى عن الفساد وتعيبه، فما بالك تقطع نخلنا وتحرقها؟! فأنزل الله تعالى هذه الآية، وأخبرهم أن ما قطَع أو ترَك فبأمر الله تعالى (2) .
وهذا يدل على أن الأمر في ذلك كان على التخيير في القطع والترك، فيجري مجرى التخيير في الكفارات، والحق في كل واحد منها.
واحتج بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) وهذا عام في حال الانفراد والاختلاف.
والجواب: أنا نحملُه على أن كل 243/أ واحد حجة حال الانفراد، ويكون القصد به أن قول الواحد حجة.
واحتج: بأن الصحابة اختلفوا ولم ينكر بعضُهم على بعض، بل أقره عليه،