في حكمها ليُميز الجائز من غير الجائز والصحيح من الفاسد. فلو كان الصواب في الجهتين لم يحتج إلى ذلك، فعلمنا أن هناك جائزاً (1) وغير جائز وصحيحاً وفاسداً (2) .
فإن قيل: إنما يجتهد ليطلب النص أو الإِجماع.
قيل: إذا كان هناك نص أو إجماع سقط الاجتهاد.
وأيضاً فإنه لا يخلو: إما أن يكون كُلِّف الاجتهاد لطلب الحكم، أو لأن فَرْضه الاجتهاد.
ولا يجوز أن يقال: كُلِّف الاجتهاد. لأن فَرْضه الاجتهاد؛ لأن الاجتهاد لا يراد لنفسه، وإنما يراد لغيره؛ لأن الانسان لا يكلف الاجتهاد ليصير مجتهداً.
فثبت أن الاجتهاد لطلب الحكم.
وإذا ثبت أن هناك حكماً مطلوباً (3) صح قولنا، وبطل قولهم: إن فرضه الاجتهاد فقط، وليس هناك حكم مطلوب.
ولا يصح قول من قال بالأشبَه: إنه كلف الاجتهاد لإِصابة الأشبه لما بينَّا، وهو: أنه لم يكلف طلب الأشبه، ولا إصابته، فلا معنى للاجتهاد في طلبه.
فإن قيل: إنه كُلِّف الاجتهاد ليغلب على ظنه أن الحكم بهذا أولى من غيره.
قيل: من كُلف طلب شىء يحتاج أن يكون ما كلفه (4) موجوداً حال الطلب، فلا يكلف طلب شىء ربما حدث بعد الطلب، وربما لم يحدث.