الاذفان: أنْ لا يغيب من المِصْر في غَيْبَه.
قال أبو عبيد: هو في كلإم العرب، على ما قال أبو زيد وأبو عبيدة. وفي الحكم على ما قال يزيد بن (١) هارون.
هذا كلّه قول أبي عبيد.
قال أبو محمد: ولست أدري لِمَ جعل كلام العرب على شيء والحُكم على غيره.
ولا أرى الحكم إلَّا عليه أيضًا، وإنْ كان الذي قال يزيد صحيحًا. لأنَ الادفان: هو (الافْتِعال) من الذَفْن. ومعناه: التواري بالمصر. كأنَّه يَدْفن نَفْسه في أبيات (٢) المِصْر اليوم واليومين (٣).
فهذا لا يكون آبقاً؛ لأنَ العبد قد يخاف على نفسه عقوبة ذَنْب فعله فيفعل ذلك.
فكان شريح لا يرد بهذا، ويرد بالإِباق، الباتّ، أي: القاطع (٤) عن البَلَد.
والإِباق. أنْ يندَّ ويخرج عن المِصْر، كذلك هو في كلام العَرب. قال الله -جلَّ وعزَّ-، في يونس -عليه السلام-,: (٥) {إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}.
* * *
= وللدكتور محمد فؤاد سزكَين، دراسة عنه، باللغة التركية، ما زالت مخطوطة، منها نسخة في مكتبة جامعة استانبول.
(١) سقطت من: ظـ.
(٢) منقول عنه في: الفائق.
(٣) أبيات: جمع بيت.
(٤) النهاية ٢/ ١٢٦؛ والفائق.
(٥) سورة الصافات الآية/ ١٤٠؛ وينظر: تأويل مشكل القرآن: ٤٠٨.