قالوا: وما يهلكنا إلا الحين، وقال الأفوه الأودي:
حتم الدهر علينا إنه
.... ظلفٌ ما نال منا وجبار
ولو أقيم مقامه الحين، فقيل: حتم الحين علينا، لم يصح الكلام، وفسد المعنى، فعلمنا أنَّ الدهر مخالفٌ للحين.
وقد قال أبو يوسف ومحمد أيضًا: إنه لو قال: لا أكلمك الدهر: أنَّ ذلك على الأبد، ولو قال: لا أكلمك حينًا: كان على ستة أشهر.
فلما كان قوله: دهرًا: اسمًا لمعنى مجهول لم تقم الدلالة عنده على حقيقته، لم يُجب أبو حنيفة فيه بشيء، وليس عليه في هذا مسألة؛ لأنه يقول: لم يبن لي معنى الاسم.
وأبو يوسف ومحمد أجرياه مجرى قوله: حينًا وزمانًا؛ لأن القائل قد يقول: ما رأيتك منذ دهر، كما يقول: ما رأيتك منذ زمان.
مسألة: إذا حلف لا يكلمه الدهر
قال أبو جعفر: (وإن حلف أن لا يكلمه الدهر، فإن محمدًا روى عن أبي يوسف: أنه كالحين والزمان، وروى أصحاب الإملاء عن أبي يوسف: أنَّ ذلك على الأبد).
قال أحمد: المشهور من قولهم: أنَّ الدهر بالألف واللام: على الأبد، قد ذكره محمد في "الجامع الكبير"، ولم يذكر فيه خلافًا.
وكان أبو الحسن الكرخي رحمه الله يقول: إن قول أبي حنيفة في: