بتهامه، غلام بين كتفيه شامة، كانت له الأمامة، ولكم به الزعامة إلى يوم القيامة، وأنه سأله أ، يوضح له قوله، فقال: والبيت ذي الحجب، والعلامات ذي النصب، إنك يا عبد المطلب لجده غير كذب.
وما زالت العرب تسجع وتزجر، فما فطل عنه أحد منهم أنه ادعى أنه يشبه القرآن أسجاعها وأراجيزها، ولو علموا أنه ذلك لا تبدروا إلى المخاصمة والمعارضة، فأنهم كانوا لما قال عز وجل: {وتنذر به قوماً لداً}.وقال: {بل هم قوم خصمون}.
فلما لم يقل أحد منهم علمنا أنها غفلت فرق ما بين القرآن والبين الاسجاع والأراجيز، ولذلك ضربت صحبها صفحا ولم يشتغل بها أصلا، فلذلك أسجاع مسيلمة هذا سبيلها مع ما فيها من المحاكاة والسرقة والهذر، وكل واحد من الحاكي والسارق مستغنه بما يأخذه من أعيان ألفاظ المعارض وأوصافه كلامه على معارضته، وإذا كان كذلك، لم تخلص منه المعارضة، وأثار كل واحد من الفعلين ظاهرة في كلام مسيلمة:
فأما المحاكاة، فإنه يحاكي نحو قوله عز وجل: {والضحى والليل إذا سجى، ما ودعك ربك وما قلى}.
وأما السرقة: فإنه أخذ قوله: (لقد أنعم الله) من قوله الله عز وجل: {لقد من الله}، وقوله: (وإذ يقول للذي أنعم الله)، وأخذ قوله: (إذا خرج منها نسمة)، من قوله عز وجل: {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم}، وأخذ قوله: (تسعى) من قوله عز وجل: {فإذا هي حية تسعى}، وأخذ جملة ذلك من قوله عز وجل: {(ثم إذا أنتم بشر تنتشرون} فسرق المعنى كما سرق اللفظ.
ثم قوله: (من بين صفاق وحشا) ولأن الولد لا يكون من بين الصفاق والحشا، وإنما يثكون في الرحم، والرحم من الحشا.
وقوله: (لقد أنعم الله عىل الحبلى إذ اخرج منها نسمة تسعى) مع ذلك كلام مجيد لأن أنعام الله تعالى على الحبلى إنما هو بتقويته إياها على الحمل وتخليصها إذا جاء وقت الولادة