وإن دل رجل على مطلوب ليقتل ظلما، أو أحضر المرتد للقتل سكينا فهذا كله محرم لأنه يدخل في قوله: {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} لكنها صغائر، لأن المنهي عنه ليس لأنفسهما لكنها ذرائع الظالم إلى التمكن من ظلمه، فأكثر ما في إعانة القاتل بها، أن المعين مشارك له في القصد، والقصد إذا خلا عن الفعل لم يكن كبيرة.
وكذلك سؤال الرجل غيره الذي لا تلزمه طاعته أن يقتل ليس من الكبائر، لأنه ليس فيه إلا إرادة هلاكه من غير أن يكون معها فعل والله أعلم.
فصل
إن سأل سائل عن أصحاب الكبائر عن أهل القبلة إذا وافوا القيامة بلا توبة قدموها، ماذا يكون من أمرهم؟؟
قيل له: -وبالله التوفيق- أمرهم الله تعالى، فإن عفا عنهم مبتدئا وإن شاء شفع فيهم نبيهم، وإن شاء أمر بإدخالهم النار وكانوا معذبين بها مدة، ثم أمر بإخراجهم منها إلى الجنة إما بشفاعة ولا يخلد في النار إلا الكفار.
فإن سأل عن الدلائل على ما قلنا! أما الدليل على أن غبر الكفار لا يخلد في النار فهو قول الله عز وجل {من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}، فأخبر أن التخليد في النار إنما هو لمن أحاطت به خطياته، والمؤمن صاحب الكبيرة والكبائر لم تحط به خطياته، لأن رأس الخطايا هو الكفر، وهو غير موجود منهم، فصح أنه لا يخلد في النار.
فإن قيل: هذا معارض بأن الله تعالى قال بعقب هذه الآية: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون}، فوعد الجنة من جمع بين أصل الإيمان وفروعه وصاحب الكبيرة أو الكبائر تارك الصالحات فصح أن وعد الجنة ليس له.
فالجواب: أن التعاطي للكبائر إذا تاب عنها ووافى القيامة تائبا لا يخلو من أن يكون