وقال عز وجل {كلما دخلت أمة لعنت أختها، حتى إذا أدركوا فيها جميعا، قالت أخراهم لأولادهم}.
وقال عز وجل: {كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتهم ألم يأتكم نذير؟ قالوا: بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء}.
فأخبر الله عز وجل: أنهم ينادون أهل الجنة فيقولون: {أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله} وإن أهل الجنة ينادونهم {أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا، قالوا، نعم}.
وإنهم يقولون: {يا مالك! ليقض علينا ربك، قال: إنكم ماكثون}.
وإنهم يقولون لخزنة جهنم: {ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب}، فيقولون لهم: {أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات؟ قالوا: بلى، قالوا فادفعوا، وما دعاء الكافرين إلا في ضلال}.
وأما العقبى والمال، فإنهم إذا قالوا، ربنا أخرجنا منها، فإن عدنا فإنا ظالمون. فقال عز وجل: {إخسأوا فيها ولا تكلمون}.
وكتب عليهم الخلود بالمثل الذي يضرب لهم. وهو أن يؤتى بكبش يسمى الوزح، ثم يذبح على الصراط بين الجنة والنار، وينادوا: يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت. سلبوا من ذلك الوقت أسماعهم وقد يجوز أن يسلبوا الأبصار والكلام، ولكن سلب السمع بين لأن الله عز وجل يقول: {لهم فيها زفير وهم لا يسعون}.
وإذا سلبوا الأسماع صاروا إلى الزفير والشهيق، ويحتمل أن تكون الحكمة في سلب الأسماع أنهم إنما أوتوا من قبل أنهم سمعوا نداء الرب عز وجل على السنة رسله فلم يجيبوه بل جحدوه وكذبوا به بعد قيام الحجة عليهم بصحبته، فلما كانت حجة الله تعالى عليهم في الدنيا للأسماع عاقبهم على كفرهم في الأخرى، فسلب الأسماع تبين ذلك أنهم