والمؤمنون معه فينصره الله تعالى عليه، فيقتله ولا يبقى بعده كافرا إلا ويقتل أو يسلم، فيكون الدين كله يومئذ لله تعالى، ويقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويفيض المال في زمانه حتى لا يقبله أحد.
وأخبرهم أن الدجال إذا بلغ ظاهر المدينة، رأى بها رجلا من خير الناس. فيقول له أشهد أنك الدجال الذي قد حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه. فيقول الدجال: أرأيتم لو قتلت هذا ثم أحييته، هل تشكون في الأمر، فيقولون لا: فيقتله ثم يحييه، فيقول له: ما قتل، أشد بصيرة مني اليوم، فيزيد الدجال قتله، فلا يتسلط عليه.
ومعنى إحيائه ذلك القتيل أنه يعالج منه أمرا ما فيحييه الله تعالى هو فتنة للناس، كما يحيي الموتى المسيح صلوات الله عليه دلالة للناس على صدقة في دعوته. فيظن بعض من يراه أنه هو المحيي له، وأنه صادق فيما يدعيه من أنه رب الناس والههم. ويتمسك بالحق من يوقفه الله تعالى.
فإن قال قائل: إذا كان لا يجوز أن يمد الله تعالى مدعي النبوة باطلا بالمعجزات فمن أين جاز أن يحيي الميت ليدعي الربوبية عند حاجته إلى ذلك.
قيل له: هذا لأن مدعي الربوبية غير منفك في نفسه من دلائل الحديث، وإمارات الخلق والصنعة، لأنها به محيطة وعليه بالكذب شاهده، فلا يؤدي إحياء الميت له إلى تبيين حاله، فيمكن أن يكون إلها، لأن من راجع عقله علم انه لا فرق بينه وبين سائر المحدثات من الناس وغيرهم من الشواهد المحدثة عليه. ولم يسأل مع ذلك بأنه ليس بإله، إذ المحدث لا يكون إلها. ولو جاز أن يكون محدث إلها، لجاز أن يكون كل محدث، فتكون الموجودات كلها آلهة وذلك فاسد محال.
وأما مدعي النبوة، فإنه مدعي أمرا ممكنا بالا أنه مغيب ولا شاهد من نفسه على أنه محق أو مبطل فيه. وإنما يحتاج إلى علم ذلك بدليل يفرح من جهة أوصافه وأحواله المعهودة. فإذا كان كاذبا وأمد بالمعجزات كما يمد الصادق لم يكن الفرق بينهما أبدا وصار ذلك سببا للشك في كل مدعي النبوة، أو الكفر بالصادق والإيمان بالكاذب، وذلك خارج من الجملة، فلهذا أنكرنا أن يمد الله تعالى بآياته وبيناته إلا من كان صادقا عليه في أنه رسول والله أعلم.