حضر فلا يأخذ منه شيئا) فيشبه أن يكون هذا الزمان الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المال يفيض فلا يقبله أحد" وذلك في زمان عيسى صلوات الله عليه. ولعل سبب هذا الفيض العظيم، ذلك المثل مع ما يغنمه المسلمون من أقوال المشركين والله أعلم.
فإن قيل: فما المعنى في نهي النبي صلى الله عليه وسلم: "من حضر ذلك الجبل لا يأخذ منه شيئا".
قيل: يحتمل أن يكون ذلك لتقارب الأمرين، وظهور اشراطه، فإن الركون إلى الدنيا والاحتشاد لها، مع ذلك جهل واغترار. ويحتمل أن يكون لأنه مجرى المعدن، فإذا أخذه، ثم لم يجد من يخرج حق الله تعالى إليه، لم يوفق بالبركة من الله تعالى فيه، فكان الانقباض عنه أولى والله أعلم.
وفي بعض الأخبار ما يدل على أن أول الإشراط نار تظهر بالحجاز، فتضيء منها أعناق الإبل ببصرى. وفي بعضها: لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قطحان يسوق الناس بعصاه. وفي بعضها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لن تذهب الأيام حتى يملك رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا لما ملئت جورا".
وفي بعضها: أنه يفتح القسطنطينية وجبل الديلم، ولو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد يطول الله ذلك اليوم ففتحها على يده) وفي بعضها: لا تقوم الساعة حتى يقتتل فتيان عظيما مقتلة عظيمة ودعواهما واحدة، وحتى يخرج دجالون كلهم يزعم أنه نبي.
فأما قول الله عز وجل: {اقتربت الساعة وانشق القمر}. فقد روى أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم آية فأراهم القمر منشقا بنصفين والجبل بينهما، فقال: أشهد وأومن. قال معناه: ينشق كما قال: (أتى أمر الله فلا تستعجلون) معناه يأتي.
فإن كان هذا هكذا فقد أتى. ورأيت ببخارى الهلال وهو ابن ليلتين منشقا بنصفين عرض كل واحد منهما كعرض القمر ليلة أربع أو خمس، وما زل انظر إليهما حتى اتصلا، ثم لم يعودا كما كانا ولكنهما صار في شكل اترجة ولم أمل طرفي عنها إلى أن غابت،