وقال: {وسيرت الجبال فكانت سرابا}.
وقال: {وإذا الأرض مدت وألقت ما فيها وتخلت}.
وقال: {إذا رجت الأرض رجا، وبست الجبال بسا، فكانت هباء منبثا}.
وقال: {يوم يكون الناس كالفراش المبثوث، وتكون الجبال كالعهن المنفوش}.
وقال: {يوم تبدل الأرض غير الأرض}.
وقال: {وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا}.
فصل
أنها تبدل، بمعنى أن أعراضها وصفاتها تغير، فإنها ذات جبال وتلال وروابي وأكام، وأودية ووهاد، وغدران وأشجار وبنيان، فتزال هذه كلها، ويسوى بعضها ببعض ثم تمد مد الأديم، فتزيد بذلك سعتها، فتتمكن الخلائق من الأولين والآخرين من الوقوف عليها، وعلى هذا معنى قوله عز وجل: {وإذا الأرض مدت، وألقت ما فيها وتخلت}.
فيكون ذلك من جملة تبديلها، لأنها إذا كانت مشرفة على أن تضيق بأهلها، فمدت حتى وسعتهم، فقد غيرت. إلا أن ذلك تغيير الأعراض، دون قلب العين.
وأما قوله عز وجل: {يوم تبدل الأرض غير الأرض} فليس معناه أنها تجعل شيئا آخر سوى الأرض، فكون مكان الأرض مرفقا ليس بأرض. وإنما هو أنها تهيأ هيئة أخرى، حتى تكون المنظر غير هذه التي تشاهدونها، وهو الرجل بغير خلقه وسيرته مع صديقه، فيقول تبدلت وتغيرت، ولست الرجل الذي كنت، والله أعلم.
وأما الجبال فقد وضعها الله تعالى بصفات مختلفة فيما ترجع إلى الجبال منها، ومجتمعة فيما ترجع إلى الأرض، لأنها كلها تعود تفريغ الأرض منها، وإبراز ما كانت تواريه من محلها حتى يبرز وينكشف.