ذنب، ويشبهون خوفه بالخوف من الأسد، ومن الملك القاهر الذي لا ينضبط فعله ولا سطوته، بل قد يقهر ويعذب من لا ذنب له من رعيته.
فإذا صَدَّقَ العبد بقوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ} النساء: ٧٩ ، علم بطلان هذا القول، وأن الله لا يعذبه ويعاقبه إلا بذنوبه، حتى المصائب التي تصيب العبد كلها بذنوبه.
وقد تقدم قول السلف ابن عباس وغيره أن ما أصابهم يوم أُحُد من الغم والفشل إنما كان بذنوبهم، لم يستثن من ذلك أحد.
وهذا من فوائد تخصيص الخطاب؛ لئلا يظن أنه عام مخصوص.
وفى الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما يصيب المؤمن من وَصَب ولا نَصَب، ولا هَمٍّ ولا حزن ولا غَمٍّ، حتى الشوكة يشاكها، إلا كَفَّر الله بها من خطاياه ".
فصل
الفرق الثامن: أن السيئة إذا كانت من النفس، والسيئة خبيثة مذمومة، وصفها بالخبث في مثل قوله: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ} النور: ٢٦ .
قال جمهور السلف: الكلمات الخبيثة للخبيثين. ومن كلام بعضهم: الأقوال والأفعال الخبيثة للخبيثين.
وقد قال تعالى: {ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً} إبراهيم: ٢٤ ، {وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ} إبراهيم: ٢٦ ، وقال الله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} فاطر: ١٠ ، والأقوال والأفعال صفات القائل الفاعل.