والله تعالى قد يسر للمسلمين من العلم والبيان مع العمل الصالح والإيمان ما برزوا به على كل نوع من أنواع جنس الإنسان والحمد لله رب العالمين.
العلم الإلهي عندهم ليس له معلوم في الخارج:
وأما العلم الإلهي الذي هو عندهم مجرد عن المادة في الذهن والخارج فقد تبين لك أنه ليس له معلوم في الخارج وإنما هو علم بأمور كلية مطلقة لا توجد كلية إلا في الذهن وليس في هذا من كمال النفس شيء.
وان عرفوا واجب الوجود بخصوصه فهو علم بمعين يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه وهذا مما لا يدل عليه القياس الذي يسمونه البرهان ف برهانهم لا يدل على شيء معين بخصوصه لا واجب الوجود ولا غيره وإنما يدل على أمر كلي والكلي لا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه وواجب الوجود يمنع العلم به من وقوع الشركة فيه ومن لم يتصور ما يمتنع الشركة فيه لم يكن قد عرف الله.
ومن لم يثبت للرب إلا معرفة الكليات كما يزعمه ابن سينا وأمثاله وظن ذلك كمالات للرب وكذلك يظن كمالا للنفس بطريق الأولى لا سيما إذا قال أن النفس لا تدرك إلا الكليات وإنما يدرك الجزئيات البدن فهذا في غاية الجهل.
وهذه الكليات التي لا يعرف بها الجزئيات الموجودة لا كمال فيها البتة والنفس إنما تحب معرفة الكليات لتحيط بها بمعرفة الجزئيات فإذا لم يحصل ذلك لم تفرح النفس بذلك.
الوجه الخامس: كمال النفس بمعرفة الله مع العمل الصالح لا بمجرد معرفة الله فضلا عن كونه يحصل بمجرد علم الفلسفة.
الوجه الخامس: أن يقال: هب أن النفس تكمل بالكليات المجردة كما زعموه فما يذكرونه في العلم الأعلى عندهم الناظر في الوجود ولو أحقه ليس كذلك فان