تصور معنى الوجود فقط أمر ظاهر حتى يستغني عن الحد عندهم لظهوره فليس هو المطلوب وإنما المطلوب أقسامه.
ونفس انقسامه إلى واجب وممكن وجوهر وعرض وعلة ومعلول وقديم وحادث هو اخص من مسمى الوجود وليس في مجرد معرفة انقسام الأمر العام في الذهن إلى أقسام بدون معرفة الأقسام ما يقتضى علما عظيما عاليا على تصور الوجود.
فإذا عرفت الأقسام فليس فيها ما هو علم بمعلوم لا يقبل التغير والاستحالة فان هذه الأقسام عامتها إنما هو في هذا العالم وكل ذلك يقبل التغير والاستحالة وليس معهم دليل أصلا يدلهم على أن العالم لم يزل ولا يزال هكذا.
وجميع ما يحتجون به على دوام الفاعل والفاعلية والزمان والحركة وتوابع ذلك فانما يدل على قدم نوع ذلك ودوامه لا على قدم شيء معين ولا دوام شيء معين فالجزم بأن مدلول تلك الأدلة هو هذا العالم أو شيء منه جهل محض لا مستند له إلا عدم العلم بموجود غير هذا العالم وعدم العلم ليس علما بالعدم.
ولهذا لم يكن عند القوم إيمان بالغيب الذي أخبرت به الأنبياء فهم لا يؤمنون لا بالله ولا ملائكته ولا كتبه ولا رسله ولا البعث بعد الموت.
وإذا قالوا نحن نثبت العالم العقلي أو المعقول الخارج عن العالم المحسوس وذلك هو الغيب فان هذا وان كان قد ذكره طائفة من المتكلمة والمتفلسفة خطأ وضلال فان ما سواء من المعقولات إنما يعود عند التحقيق إلى أمور مقدرة في الأذهان لا موجودة في الأعيان والرسل أخبرت عما هو موجود في الخارج وهو أكمل وأعظم وجودا مما نشهده في الدنيا فأين هذا من هذا.
وهم لما كانوا مكذبين بما أخبرت به الرسل في نفس الأمر واحتاجوا إلى الجمع بين قولهم وبين تصديق الرسل لما بهرهم من أمر الرسل قالوا: إن الرسل قصدوا