وسائط غيرهم لا سيما في القرن الثاني والثالث فهؤلاء هم مقرئون ومعلمون وهؤلاء مقرئون ومعلمون وهؤلاء هم وسائط وهم الأواسط بينهم وبين معرفة ما قاله الرسول وفعله وهم الذين دلوهم على ذلك بإخبارهم وتعليمهم.
وكذلك المعلومات التي تنال بالعقل أو الحس إذا نبه عليها منه وارشد إليها مرشد فذلك أيضا مما يختلف ويتنوع ونفس الوسائط العقلية تتنوع وتختلف.
وأما من جعل الوسط في اللوازم هو وسطا في نفس ثبوتها للموصوف فهذا باطل من وجوه كما قد بسط في موضعه وبتقدير صحته فالوسط الذهني اعم من الخارجي كما أن الدليل اعم من العلة فكل علة يمكن الاستدلال بها على المعلول وليس كل دليل يكون علة في نفس الأمر.
وكذلك ما كان متوسطا في نفس الأمر أمكن جعله متوسطا في الذهن فيكون دليلا ولا ينعكس لأن الدليل هو ما كان مستلزما للمدلول فالعلة المستلزمة للمعلول يمكن الاستدلال بها والوسط الذي يلزم الملزوم ويلزمه اللازم البعيد هو مستلزم لذلك اللازم فيمكن الاستدلال به.
فتبين أنه على كل تقدير يمكن الاستدلال على المطلوب بمقدمة واحدة إذا لم يحتج إلى غيرها وقد لا يمكن إلا بمقدمات فيحتاج إلى معرفتهن وان تخصيص الحاجة بمقدمتين دون ما زاد وما نقص تحكم محض.
لا يلتزم الاستدلال بمقدمتين فقط إلا أهل المنطق:
ولهذا لا تجد في سائر طوائف العقلاء ومصنفي العلوم من يلتزم في استدلاله البيان بمقدمتين لا أكثر ولا أقل ويجتهد في رد الزيادة إلى ثنتين وفي تكميل النقص بجعله مقدمتين إلا أهل منطق اليونان ومن سلك سبيلهم دون من كان باقيا على فطرته السليمة أو سلك مسلك غيرهم كالمهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان