. سعى بعدهمْ قوم لكَي يدركونهم
فَلم يَفْعَلُوا وَلم يليموا وَلم يألوا ...
كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كثير الصمت وَالْوَقار طَوِيل الإطراق والإعتبار تكسو هَيْبَة وقاره جسائه حَتَّى إِذا جَلَسُوا بَين يَدَيْهِ كَأَن على رؤوسهم الطير إعظاما لَهُ وهيبة مِنْهُ
مَجْلِسه أوفر الْمجَالِس لَا يسمع فِيهِ ضحت الْأَصْوَات وَلَا اخْتِلَاط اللُّغَات لَيْسَ فِيهِ مراء وَلَا جِدَال وَلَا للهجر وَالْفُحْش فِيهِ مجَال لَا توبن فِي مَجْلِسه الْحرم وَلَا يغض فِيهِ من الأقدار والقيم بل كَانَ مجْلِس علم
وَأَصْحَابه يعظمون فِي مجلسهم مَعَه حرمات الله ويتعلمون مِنْهُ أَحْكَام الله فَتَارَة يعلمهُمْ بِأُمُور الْآخِرَة كَأَنَّهُمْ ينظرُونَ إِلَيْهَا وَأُخْرَى يعلمهُمْ أَحْكَام شَرِيعَته كي يعملوا بهَا
قَالَ ابْن أبي هَالة كَانَ سُكُوته على أَربع على الحكم والحذر وَالتَّقوى والتفكر يعلم الْجَاهِل المسترشد ويدنيه ويطرد المعاند المتكبر ويقصيه يتواضع للْفُقَرَاء ويتواضع لَدَيْهِ الْأُمَرَاء
كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَشد حَيَاء من الْعَذْرَاء فِي خدرها الرفيعة الشَّرِيفَة فِي قَومهَا كَانَ إِذا سمع مَا يستحيى مِنْهُ ظهر نور الخفر على وَجهه وَلذَلِك مر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رجل وَهُوَ يعتب أَخَاهُ على الْحيَاء فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعه فَإِن الْحيَاء من الْإِيمَان وَقَالَ الْحيَاء خير كُله وَلَا يَأْتِي إِلَّا بِخَير وَقَالَ اسْتَحْيوا من الله حق الْحيَاء وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضحكه تبسما وَلم ير قطّ فِي ضحكه مقهقها وَلَا مترنما
كَانَ كَلَامه فصلا يفهمهُ كل من سَمعه وَرُبمَا تكلم بِالْكَلِمَةِ ثَلَاثًا حَتَّى تفهم عَنهُ وَكَانَ يحدث حَدِيثا لَو عده الْعَاد لأحصاه وَكَانَ إِذا مر بِقوم يسلم عَلَيْهِم ثَلَاثًا وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحافظ على مروءته وعَلى إستقامة حَالَته وتحسين هَيئته يمشي هونا كَأَنَّمَا ينحط من صبب إِذا مَشى مَشى مجتمعا وَإِذا جلس جلس مُحْتَبِيًا وَقرب إِلَيْهِ طَعَام ومتكأ فَقَالَ لَا أتكئ إِنَّمَا آكل كَمَا يَأْكُل العَبْد وأجلس كَمَا يجلس العَبْد