كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحب الطّيب والرائحة الْحَسَنَة ويستعملها ويحض عَلَيْهِمَا وَيَقُول إِن الله تَعَالَى جميل يحب الْجمال وَيَأْمُر بِالسِّوَاكِ وَغسل البراجم والدواجب وإستعمال خِصَال الْفطْرَة وَيَأْخُذ بذلك وَيعْمل بِهِ
وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِكَثْرَة محافظته على جلال مروءته إِذا عطس غطا وَجهه وخفض بهَا صَوته
وَمَا عَسى أَن يَقُول الْقَاص فِيمَن جمعت فِيهِ كل الْفَضَائِل والمآثر بل غَايَة الفصيح الْأَثر أَن يَنْتَهِي إِلَى مَا قَالَه الشَّاعِر ... مَاذَا أَقُول وَقَوْلِي فِيك ذُو حصر
وَقد كفيتني التَّفْصِيل والجملا
إِن قلت مَا زلت مَرْفُوعا فَأَنت كَذَا
أَو قلت زانك دى فَهُوَ قد فعلا ...
وَأما شجاعته ونجدته
فَكَانَ مِنْهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَكَانِ الَّذِي لَا يجهل وحظه مِنْهَا الْحَظ الأوفى الْأَفْضَل قد كَانَ مارس الضراب ووقف مَوَاقِف الصعاب لَا يُبَالِي بِكَثْرَة الْعدَد وَلم يفر قطّ أَمَام أحد وَمَا من شُجَاع إِلَّا وَقد أحصيت لَهُ فرة وَإِن كَانَ لَهُ بعْدهَا كرة إِلَّا هُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يدبر قطّ مُنْهَزِمًا وَلَا فَارق مكْرها مُلْتَزما
وَكَانَ عَليّ بن أبي طَالب يَقُول كُنَّا إِذا اشْتَدَّ الْبَأْس وحميت الْحَرْب اتقينا برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَا يكون أحد أقرب إِلَى الْعَدو مِنْهُ وَلَقَد رَأَيْتنَا يَوْم بدر نلوذ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ أقربنا إِلَى الْعَدو وَلَقَد كَانَت الصَّحَابَة تَقول إِن الشجاع منا للَّذي يقوم بجانبه يسْتَتر بِهِ
وَقيل ل أنس أَفَرَرْتُم يَوْم حنين عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَكِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يفر
ثمَّ قَالَ رَأَيْته على بغلته الْبَيْضَاء وَأَبُو سُفْيَان آخِذا بِلِجَامِهَا وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول أَنا النَّبِي لَا كذب أَنا ابْن عبد الْمطلب
قيل فَمَا رؤى يَوْمئِذٍ أحد كَانَ أجرأ مِنْهُ وَلَا أَشد وَقد روى عَنهُ أَنه نزل عَن بغلته مُتَوَجها نَحْو الْعَدو وَقَالَ الْعَبَّاس