- جواز مجيء "ليس" حرفا عاطفا، كما في قول الشاعر:
إنما يجزي الفتى ليس الجمل١
ووافق ابن جني في أن الجملة قد تبدل من المفرد، كقول الشاعر:
إلى الله أشكو بالمدينة حاجةً ... وبالشام أُخرى كيف يلتقيانِ؟
على تقدير: "إلى الله أشكو حاجتين تعذر التقائهما".
رابعاً: اختار بعض ما ذهب إليه الأندلسيون، وخاصة ابن مالك وابن عصفور؛ فأما ابن مالك، فقد كان كثير الموافقة له في آرائه، وقلما خالفه فيها، ومعلوم أنه شرح له "الألفية" التي نحن في صدد الحديث عن شرحه لها، كما شرح له "التسهيل"، ومن الأمور التي وافقه فيها على سبيل المثال: أن "إلى"١ قد تأتي بمعنى "في"٢، كما في قوله تعالى: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة} ٣. وأن "حتى" إذا عطفت على مجرور، أعيد الخافض فرقا بينها وبين "حتى" الجارة، مثل: "مررت بالقوم حتى بزيد"٤.
وأما موافقته لابن عصفور فيمكن التمثيل عليها، بموافقته له بأن "لن" قد تأتي للدعاء، كما أنت "لا" لذلك، والحجة في قول الأعشى:
لن تزالوا كذلكم ثم لا زلـ ... ت لكم خالدًا خلود الجبالِ٥
خامساً: وافق الزمخشري، ورد عليه في مواطن كثيرة:
فأما موافقته فتتجلى في استحسانه رأيه في أن أما" في مثل: "أما زيد فمنطلق" تفيد التوكيد. قال: "قل ذكره، ولم أر من أحكم شرحه غير الزمخشري، فإنه قال: فائدة "أما" في الكلام: أن تعطيه فضل توكيد، تقول: زيد ذاهب، فإذا قصدت توكيد.
١ أوضح المسالك: ٣/ ٣٨.
٢ المغني: ١٠٤-١٠٥.
٣ سورة النساء الآية ٨٧.
٤ المغني: ١٧٢.
٥ المغني: ٥١٧. ورواية البيت في ديوان الأعشى: "لا زلت لهم".