في قولنا: "اثني عشر"، حلت محل النون، في "اثنين"، وهي بذلك ليست مضافة إلى ما قبلها، ولا محل لها من الإعراب١.
ومما سبق يتأكد لنا أن ابن هشام، كان يوازن بين آراء البصريين، والكوفيين، والبغداديين، وسواهم من النجاة "ويختار لنسفه ما يتمشى مع مقاييسه مظهرا قدرة فائقة في التوجيه والتعليل والتخريج، وكثيرا ما يشتق لنفسه رأيا جديدا، لم يُسبَق إليه، وخاصة في توجيهاته الإعرابية، وهو في أغلب اختياراته، يقف مع البصريين، وكان يجل سيبويه إجلالا بعيدا، كما كان يجل جمهور البصريين، ويدافع عن آرائهم"٢.
وأما طريقة ابن هشام في عرض موضوعاته، فكان يعرض الفكرة ثم يسوق الأدلة والشواهد من القرآن الكريم، والحديث الشريف، والشعر القديم، وأحيانا من الحكم والأقوال المأثورة، ومن منثور الكلام القديم أحيانا أخرى، وربما ذكر أبياتا لشعراء لا يُحتَج بشعرهم؛ على سبيل التمثيل لا الاستشهاد بها؛ أو ليبين لحن أصحابها.
وأما تعاطيه مع الشواهد، فينم عن ثقافة واسعة، وقدرة عجيبة على الاستنباط والتحليل، وكان يقدم الشواهد القرآنية على غيرها؛ لأنها كلام فصل لا مجال للشك فيها، وله ثلاثة اتجاهات في اعتماده الآيات القرآنية في كتبه، هي٢:
أولاً: آيات استشهد بها على تثبيت قاعدة متفقٍ عليها.
ثانياً: آيات اتخذ منها المؤلف أدلة على قاعدة ارتآها وأراد أن يدعمها بدليل قرآني.
ثالثاً: آيات أوضح ابن هشام ما دار حولها من نقاش وجدل.
وأما بالنسبة إلى القراءات القرآنية، فقد "حاول دائما، إزاء القراءات التي في
١ انظر همع الهوامع: ١/ ١٤، والوسيط في تاريخ النحو: ٢١٤.
٢ الوسيط في تاريخ النحو، الدكتور عبد الكريم الأسعد: ٢١١.
٣ أثر القرآن والقراءات في النحو العربي، الدكتور محمد سمير نجيب اللبدي: ١٤٨.