وذهب الأستاذ يصارع ما أيدت به ذاك الدليل من صِغَر عليِّ بن أحمد، وكونه لا يعرف له علاقة بابن حيويه!
فذكر (ص ٤٠): «أنهما من أهل بغداد، وعاشا هناك متعاصِرَين سبعًا وأربعين سنة، فماذا كان يمنع هذا من الاجتماع بذاك، وهما من بلد واحد؟ ».
أقول: المدار في هذه الأمور على اختيار الأقرب فالأقرب، كما تقدم في المثال الأول.
فههنا يدلُ كلام الأزهري أن ابن حيويه إنما كان يروي من كتاب ابن الرزاز؛ «لثقته بذلك الكتاب»، ص ٣٨ وليس مما يقرب أن يثق ابن حيويه بكتاب رجل أصغر منه بأربعين سنة، لم يُعرف بشدّة الضبط والتيقّظ. هذا مع اشتهار ابن حيويه بالتثبت والتيقظ.
قال العتيقي: «كان ثقة متيقظًا». وقال البرقاني: «ثقة ثبت حجة».
ويدلّ كلام الأزهري أيضًا أن كتاب ابن الرزاز كان في متناول ابن حيويه متى أراد، فلو كان ذلك وابن الرزاز صاحب الكتاب حيّ لما كان ما ذكر إلا وهو ملازم لابن حيويه.
وكونهما في بغداد نحو سبع وأربعين سنة إنما يُقرِّب أن يكونا اجتمعا في الجملة، فأما أن يكونا متلازمين فيحتاج إلى دليل.
ويدلُّ كلام الأزهري أيضًا أنه لم يكن يقع لابن حيويه قراءة من غير أصله إلا من ذاك الكتاب، وهو كتاب ابن الرزَّاز.
ولو كان ابن حيويه بحيث يثق بكتاب علي بن أحمد، لكان أولى من ذلك أن يثق بكتاب غيره ممن هو أكبر وأوثق وأثبت وأضبط من علي بن أحمد. فلماذا اختص وثوقه بكتاب ابن الرزاز؟ !