ويدلُّ كلام الأزهري أيضًا أن وثوق ابن حيويه في محلِّه، لقوله: «وكان مع ذلك ثقة»، فدل ذلك على أن قوله: «كان فيه تسامح» إنما أراد به تسامحًا يسيرًا لا ينافي الثقة.
وعلى هذا يُحمَل قول ابن أبي الفوارس: «كان فيه تساهل». كما يدلُّ عليه توثيق الأكثرين له، مع قول البرقاني ــ وهو أعلم الجماعة وأتقنهم ــ: «ثقة ثبت حجة».
فهذه الأمور تؤكِّد الدليل الأول الذي تغافل عنه الأستاذ، وهو من أقوى الأدلة كما لا يخفى.
ص ٣٩ قال الأستاذ (ص ٣٩): «رواية الخزاز لو كانت عن كتاب أحد شيوخه لكانت روايته عن أصل شيخه، ولَمَا كان يُرمى بالتسامح».
أقول: بلى، يظهر في هذا تسامح، وذلك أن ذاك الكتاب لم يكن هو أصل ابن حيويه الذي سمع فيه، ومن المحتمل أنه كان فيه مخالفةٌ ما لأصل شيخه، بنقصٍ أو زيادة، أو نحو ذلك، لم يتنبَّه لها عند السماع.
فإذا تحقق ذلك فيما بعد، فالاحتياط أن يروي كما في أصله، ثم يقول: «هكذا في أصل سماعي، ولكن رأيت في أصل شيخي كذا».
وترى لذلك أمثلة في الكتب، منها في «تاريخ جرجان» لحمزة السهمي (ص) (١).
ومع ذلك، فإن أصل الشيخ بقي عند الشيخ مدة، لا يثق ابن حيويه بالاحتياط في حفظه، كما يمكنه يثق بالاحتياط في أصل نفسه. ومن
(١) ترك المؤلف رقم الصفحة غُفلًا، وانظر منه (ص ١٦٤، ١٧٥، ٢٢٢).