المحتمل أن يكون أصل الشيخ بقي بعد موته عند أهله، فلا يوثق بأنهم احتاطوا لحفظه كما يثق ابن حيويه بالاحيتاط في أصل نفسه.
فمثل هذه الأمور كافية لأن يقال: «فيه تسامح»، «فيه تساهل»، إلا أنه لما كان الأصل عدم المخالفة، وكان ابن حيويه ــ مع كونه ثقة ثبتًا حجة متيقظًا ــ واثقًا بانتفاء المخالفة= لم يخدش ذلك في ثقته؛ لاحتمال أنه أعاد مقابلة أصله على ذلك الكتاب، أو صار إليه، فعلم تطابقهما.
وبعد ثبوت ثقة الرجل وتيقّظه لا يصح الخدش فيه بأمر محتمل. والقاعدة محرَّرة في قسم القواعد من «التنكيل» (١). والأستاذ يقول بها، ويغلو فيها!
قال الأستاذ: «وكان ينبغي أن يذكر في السند اسم شيخه الذي ناوله أصله».
كذا قال! ورواية ابن حيويه على الوجه المذكور ليست عن مناولة، وإنما كان يروي عن ابن الرزَّاز بحقِّ سماعه منه. غاية الأمر أنه بدل أن يقرأ من أصل نفسه قرأ من أصل شيخه.
قال الأستاذ: «مع أنه لا ذِكْر للرزاز مطلقًا في طبقة شيوخ الخزاز في أسانيد المثالب التي تولى كبرها الخزاز في كتاب الخطيب. وليس بمعقولٍ أن يهمل التلميذ ذِكْر شيخه في سندٍ ما حَمَله وتلقَّاه مِن طريقه».
أقول: ومَن الذي قال لك: إن ابن حيويه لم يرو شيئًا قط إلا من ذاك الكتاب الذي كان ربما يقرأ منه إذا بعد منه أصله؟ !
ومَن الذي قال لك: إن الخزَّاز لم يرو إلا عن ابن الرزَّاز؟ !
(١) (١/ ١٣٠ - ١٣٤).