خضع، ومنه قيل: أُخِذتْ البلاد عَنْوَةً: إِذا أُخذتْ غَلَبة، وأُخذتْ بخضوع من أهلها. والمفسرون: على أن هذا في يوم القيامة، إِلا ما روي عن طلق بن حبيب: هو وضع الجبهة والأنف والكفّين والرُّكبتين وأطراف القدمين على الأرض للسّجود. وقد شرحنا في آية الكرسيّ معنى «الحيّ القيّوم» «1» .
قوله تعالى: وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً قال ابن عباس: خَسِر من أشرك بالله.
قوله تعالى: وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ «من» ها هنا للجنس. وإِنما شرط الإِيمان، لأن غير المؤمن لا يُقبَل عملُه، ولا يكون صالحاً فَلا يَخافُ أي: فهو لا يخاف. وقرأ ابن كثير: «فلا يَخَفْ» على النهي. قوله تعالى: ظُلْماً وَلا هَضْماً فيه أربعة أقوال: أحدها: لا يخاف أن يُظلَم فيُزاد في سيِّئاته، ولا أن يُهضَم من حسناته، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثاني: لا يخاف أن يُظلَم فيزاد من ذَنْب غيره، ولا أن يُهضم من حسناته، قاله قتادة. والثالث: لا يخاف أن يؤاخَذ بما لم يعمل، ولا يُنتقص من عمله الصالح، قاله الضحاك. والرابع: لا يخاف أن لا يُجزَى بعمله، ولا أن يُنقَص من حَقِّه، قاله ابن زيد. قال اللغويون: الهَضْم: النَّقْص، تقول العرب: هضمتُ لك من حَقِّي، أي:
حَطَطْتُ، ومنه: فلان هضيم الكَشْحَيْن، أي: ضامر الجنبين، ويقال: هذا شيء يهضم الطعام، أي:
ينقص ثِقْله. وفرق بعض المفسرين بين الظُّلم والهَضْم، فقال: الظُّلم: منع الحق كلِّه، والهضم: منع البعض، وإِن كان ظُلْماً أيضاً.
قوله تعالى وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ أي: وكما بيَّنَّا في هذه السورة، أنزلناه، أي: أنزلنا هذا الكتاب قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ أي: بيَّنَّا فيه ضروب الوعيد. قال قتادة: يعني: وقائعه في الأمم المكذِّبة. قوله تعالى: لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أي: ليكون سبباً لاتِّقائهم الشرك بالاتِّعاظ بِمَنْ قبلهم أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ أي: يجدِّد لهم القرآن، وقيل: الوعيد ذِكْراً أي: اعتباراً، فيتذكَّروا به عِقاب الأمم، فيعتبروا. وقرأ ابن مسعود، وعاصم الجحدري: «أو نُحْدِثُ» بنون مرفوعة. قوله تعالى: فَتَعالَى اللَّهُ أي: جَلَّ عن إِلحاد الملحِدين وقول المشركين في صفاته، الْمَلِكُ الذي بيده كلّ شيء، الْحَقُّ وقد ذكرناه في سورة يونس «2» .
قوله تعالى: وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ في سبب نزولها قولان:
(979) أحدهما: أن جبريل كان يأتي النبيّ صلى الله عليه وسلّم بالسورة والآي فيتلوها عليه، فلا يفرغ جبريل من