فأخبر الله عزّ وجلّ كيف فعل بهم. قال الفراء: الضبح: أصوات أنفاس الخيل إذا عَدَوْنَ. وقال ابن قتيبة: الضبح: صوت حلوقها إذا عَدَتْ. وقال الزجاج: ضبحها: صوت أجوافها إذا عدت.
قوله عزّ وجلّ: فَالْمُورِياتِ قَدْحاً فيه خمس أقوال «1» : أحدها: أنها الخيل تُوري النار بحوافرها إذا جرت، وهذا قول الجمهور. قال الزجاج: إذا عدت الخيل بالليل، فأصابت بحوافرها الحجارة، انقدحت منها النيران. والثاني: أنها نيران المجاهدين إذا أُوقدت، روي عن ابن عباس. والثالث: مَكْرُ الرجال في الحرب، قاله مجاهد، وزيد بن أسلم. والرابع: نيران الحجيج بالمزدلفة، قاله القرظي.
والخامس: أنها الألسنة إذا ظهرت بها الحجج وأُقيمت بها الدلائل على الحق وفضح بها الباطل، قاله عكرمة.
قوله عزّ وجلّ: فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً هي التي تغير على العَدُوِّ عند الصباح، هذا قول الأكثرين. وقال ابن مسعود: فالمغيرات صبحاً حين يُفيضون من جمع.
قوله عزّ وجلّ: فَأَثَرْنَ بِهِ قال الفرّاء: يريد به الوادي ولم يذكر قبل ذلك، وهذا جائز، لأن الغبار لا يثار إلا من موضع. والنقع: الغبار، ويقال: التراب. وقال الزجاج: المعنى: فأثرن بمكان عَدْوِهِنَّ، ولم يتقدم ذكر المكان، ولكن في الكلام دليل عليه، قوله: فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً قال المفسرون: المعنى: توسطن جمعاً من العدو، فأغارت عليهم. وقال ابن مسعود: فوسطن به جمعاً، يعني مزدلفة.
قوله عزّ وجلّ: إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ هذا جواب القسم. والإنسان هاهنا: الكافر. قال الضحاك: نزلت في الوليد بن المغيرة، وقال مقاتل: نزلت في قرط بن عبد الله بن عمرو بن نوفل القرشي وفي «الكَنُود» ثلاثة أقوال:
(1564) أحدها: أنه الذي يأكل وحده، ويمنع رِفْده، ويضرب عبده، رواه أبو أُمامة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
والثاني: أنه الكفور، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والضحاك. والثالث: لَوَّام لِرَبِّهِ يَعُدُّ المصيبات، وينسى النِّعَم، قاله الحسن. قال ابن قتيبة: والأرض الكنود: التي لا تُنْبِتُ شيئاً.
قوله عزّ وجلّ: وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ في هاء الكناية قولان: أحدهما: أنها ترجع إلى الله عزّ