وجلّ، تقديره: وإن الله على كفره لشهيد. والثاني: أنها ترجع إلى الإنسان، تقديره: إن الإنسان شاهد على نفسه أنه كنود، روي القولان عن ابن عباس «1» .
قوله عزّ وجلّ: وَإِنَّهُ يعني: الإنسان لِحُبِّ الْخَيْرِ يعني: المال لَشَدِيدٌ.
وفي معنى الآية قولان: أحدهما: وإنه من أجل حُبِّ المال لبخيلٌ، هذا قول الحسن، وابن قتيبة، والزجاج. قال أبو عبيدة: ويقال للبخيل: شديد، ومُتَشَدِّدٌ قال طرفة.
أَرَى المَوْتَ يَعْتَامُ الكِرَام ويَصْطَفي
... عَقِيلَةَ مَالِ البَاخِلِ المُتَشدِّدِ
والثاني: وإنه للخير لشديد الحبِّ، وهذا اختيار الفراء. قال: فكأن الكلمة لمَّا تقدم فيها الحب، وكان موضعه أن يضاف إليه «شديد» ، حذف الحبّ من آخره لما جرى ذكره في أوّله، ولرؤوس الآيات. ومثله: اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ «2» فلما جرى ذكر الريح قبل اليوم طرحت من آخره.
قوله عزّ وجلّ: أَفَلا يَعْلَمُ يعني: الإنسان المذكور إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ أي: أُثير وأُخرج وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ أي: مُيِّز واستُخرج. والتحصيل: تمييز ما يحصل. وقال ابن عباس: أُبرز ما فيها، وقال ابن قتيبة: مُيِّزَ ما فيها من الخير والشر. وقال أبو سليمان الدمشقي: المعنى: لو علم الإنسان الكافر ما له في ذلك اليوم لزهد في الكفر، وبادر إلى الإسلام. ثم ابتدأ فقال عزّ وجلّ: إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ وقال غيره: إنّما قرئت «إن» بالكسر لأجل اللام، ولو لاها كانت مفتوحة بوقوع العلم عليها.
فإن قيل: أليس الله خبيراً بهم في كل حال، فلم خص ذلك اليوم؟
فالجواب أن المعنى: أنه يجازيهم على أفعالهم يومئذ، ومثله: أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ «3» ، معناه: يجازيهم على ذلك، ومثله: يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ «4» .