الجبل على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه بالموصل، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال الضحاك.
والثاني: بالجزيرة، قاله مجاهد، وقتادة. وقال مقاتل: هو بالجزيرة قريب من الموصل. والثالث: أنه بناحية آمِد، قاله الزجاج.
وفي علة استوائها عليه قولان: أحدهما: أنه لم يغرق، لأن الجبال تشامخت يومئذ وتطاولت، وتواضع هو فلم يغرق، فأرست عليه، قاله مجاهد. والثاني: أنه لما قلَّ الماء أَرْسَتْ عليه، فكان استواؤها عليه دلالة على قلة الماء.
قوله تعالى: وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قال ابن عباس: بُعداً من رحمة الله للقوم الكافرين. فان قيل: ما ذنب من أُغرق من البهائم والأطفال؟
فالجواب: أنَّ آجالهم حضرت، فأُميتوا بالغرق، قاله الضحاك، وابن جريج.
قوله تعالى: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي إِنما قال نوح هذا، لأن الله تعالى وعده نجاة أهله، فقال تعالى: وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ قال ابن عباس: أعدل العادلين. وقال ابن زيد: فأنت أحكم الحاكمين بالحق. واختلفوا في هذا الذي سأل فيه نوح على قولين:
أحدهما: أنه ابن نوح لصلبه، قاله ابن عباس، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومجاهد، والضحاك، والجمهور. والثاني: أنه ولد على فراشه لغير رِشدة ولم يكن ابنه «1» .
روى ابن الأنباري باسناده عن الحسن أنه قال: لم يكن ابنَه، إِن امرأته فجرت. وعن الشعبي قال: لم يكن ابنه، إِن امرأته خانته، وعن مجاهد نحو ذلك. وقال ابن جريج: ناداه نوح وهو يحسب أنه ابنه، وكان وُلد على فراشه. فعلى القول الأول، يكون في معنى قوله تعالى: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ قولان: أحدهما: ليس من أهل دينك. والثاني: ليس من أهلك الذين وعدتك نجاتهم. قال ابن عباس:
ما بغت امرأة نبي قط، وإِنما المعنى: ليس من أهلك الذين وعدتك نجاتهم. وعلى القول الآخر:
الكلام على ظاهره، والأول أصح، لموافقته ظاهر القرآن، ولاجتماع الأكثرين عليه، وهو أولى من رمي زوجة نبيّ بفاحشة «2» .