قوله تعالى: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة: «إِنه عملٌ» رفع منون «غيرُ صالح» برفع الراء، وفيه قولان: أحدهما: أنه يرجع إلى السؤال فيه، فالمعنى:
سؤالك إِياي فيه عمل غير صالح، قاله ابن عباس، وقتادة، وهذا ظاهر، لأنه قد تقدم السؤال فيه في قوله عزّ وجلّ: «رب إِن ابني من أهلي» ، فرجعت الكناية إِليه. والثاني: أنه يرجع إِلى المسؤول فيه.
وفي هذا المعنى قولان: أحدهما: أنه لغير رِشدة، قاله الحسن. والثاني: أن المعنى: إِنه ذو عمل غير صالح، قاله الزجاج.
قال ابن الأنباري: من قال: هو لغير رِشدة، قال: المعنى: إِن أصل أبنك الذي تظن أنه أبنك عملٌ غير صالح. ومن قال: إِنه ذو عمل غير صالح، قال: حذف المضاف، وأقام العمل مقامه، كما تقول العرب: عبد الله إِقبال وإِدبار، أي: صاحب إِقبال وإِدبار. وقرأ الكسائي: «عَمِلَ» بكسر الميم وفتح اللام «غيرَ صالح» بفتح الراء، يشير إِلى أنه مشرك.
قوله تعالى: فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر: «فلا تسألنَّ» بفتح اللام، وتشديد النون، غير أن نافعاً، وابن عامر، كسرا النون، وفتحها ابن كثير، وحذفوا الياء في الوصل والوقف. وقرأ عاصم، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، بسكون اللام وتخفيف النون، غير أن أبا عمرو، وأبا جعفر، أثبتا الياء في الوصل، وحذفاها في الوقف، ووقف عليها يعقوب بالياء، والباقون يحذفونها في الحالين. قال أبو علي: من كسر النون، فقد عدَّى السؤال إِلى مفعولين، أحدهما: اسم المتكلم، والآخر: الاسم الموصول، وحذفت النون المتصلة بياء المتكلم لاجتماع النونات. وأما إِثبات الياء في الوصل فهو الأصل، وحذفها أخف، والكسرة تدل عليها، وتُعلِمُ أن المفعول مراد في المعنى.
ثم في معنى الكلام ثلاثة أقوال: أحدها: أنه نسبته إِليه، وليس منه. والثاني: في إِدخاله إِياه في جملة أهله الذين وعده نجاتهم. والثالث: سؤاله في إِنجاء كافر من العذاب.
قوله تعالى: إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أن تكون من الجاهلين في سؤالك مَنْ ليس مِنْ حزبك. والثاني: من الجاهلين بوعدي، لأني وعدت بانجاء المؤمنين.
والثالث: من الجاهلين بنسبك، لأنه ليس من أهلك.
سورة هود (11) : آية 48قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ (48)
قوله تعالى: يا نُوحُ اهْبِطْ قال ابن عباس: يريد: من السفينة إِلى الأرض بِسَلامٍ مِنَّا أي:
بسلامه. قوله تعالى: وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ قال المفسرون: البركات عليه أنه صار أباً للبشر جميعاً، لأن جميع الخلق من نسله وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ قال ابن عباس: يريد من ولدك. قال ابن الأنباري:
المعنى من ذراري من معك، والمراد المؤمنون من ذريته. ثم ذكر الكفار فقال عزّ وجلّ: وَأُمَمٌ أي من الذرية أيضاً، والمعنى: وفيمن نَصِفُ لك أُمم وفيمن نقصُّ عليك أمره أُمم سَنُمَتِّعُهُمْ أي في