مِنْهُ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَثَالِثُهَا: سَلَّمَ عَلَيْكَ عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ، فَقَالَ: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ الْقَدْرِ: 5 قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: إِنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ خَافَ عَلَى أُمَّتِهِ أَنْ يَصِيرُوا مِثْلَ أُمَّةِ مُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَقَالَ اللَّه: لَا تَهْتَمَّ لِذَلِكَ فَإِنِّي وَإِنْ أَخْرَجْتُكَ مِنَ الدُّنْيَا، إِلَّا إِنِّي جَعَلْتُ جِبْرِيلَ خَلِيفَةً لَكَ، يَنْزِلُ إِلَى أُمَّتِكَ كُلَّ لَيْلَةِ قَدْرٍ وَيُبْلِغُهُمُ السَّلَامَ مِنِّي. وَرَابِعُهَا: سَلَّمَ عَلَيْكَ عَلَى لِسَانِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حَيْثُ قَالَ: وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى طه: 47 فَإِذَا كُنْتَ مُتَّبِعَ الْهُدَى وَصَلَ سَلَامُ مُوسَى إِلَيْكَ. وَخَامِسُهَا: سَلَّمَ عَلَيْكَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى النَّمْلِ: 59 وَكُلُّ مَنْ هَدَى اللَّه إِلَى الْإِيمَانِ فَقَدِ اصْطَفَاهُ، كَمَا قَالَ: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَاطِرٍ: 32 وَسَادِسُهَا: أَمَرَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّلَامِ عَلَى سَبِيلِ الْمُشَافَهَةِ، فَقَالَ: وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ الْأَنْعَامِ: 54 وَسَابِعُهَا: أَمَرَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّسْلِيمِ عَلَيْكَ قَالَ: وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها وَثَامِنُهَا: سَلَّمَ عَلَيْكَ عَلَى لِسَانِ مَلَكِ الْمَوْتِ فَقَالَ: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ النَّحْلِ: 32 قِيلَ: إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ يَقُولُ فِي أُذُنِ الْمُسْلِمِ: السَّلَامُ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ: أَجِبْنِي فَإِنِّي مُشْتَاقٌ إِلَيْكَ، وَاشْتَاقَتِ الْجَنَّاتُ وَالْحُورُ الْعِينُ إِلَيْكَ، فَإِذَا سَمِعَ الْمُؤْمِنُ الْبِشَارَةَ، يَقُولُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ: لِلْبَشِيرِ مِنِّي هَدِيَّةٌ، وَلَا هَدِيَّةَ أَعَزُّ مِنْ رُوحِي، فَاقْبِضْ رُوحِي هَدِيَّةً لَكَ، وَتَاسِعُهَا: السَّلَامُ مِنَ الْأَرْوَاحِ الطَّاهِرَةِ الْمُطَهَّرَةِ، قَالَ تَعَالَى: وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ الْوَاقِعَةِ: 91 وَعَاشِرُهَا: سَلَّمَ اللَّه عَلَيْكَ عَلَى لِسَانِ رِضْوَانَ خَازِنِ الْجَنَّةِ فَقَالَ تَعَالَى: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً إِلَى قَوْلِهِ: وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ الزُّمَرِ: 73 وَالْحَادِيَ عَشَرَ: إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ فَالْمَلَائِكَةُ يَزُورُونَهُمْ وَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِمْ. قَالَ تَعَالَى: وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ الرَّعْدِ: 23، 24 وَالثَّانِي عَشَرَ: السَّلَامُ مِنَ اللَّه مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ وَهُوَ قَوْلُهُ:
تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ الْأَحْزَابِ: 44 وَقَوْلُهُ: سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ يس: 58 وَعِنْدَ ذَلِكَ يَتَلَاشَى سَلَامُ الْكُلِّ لِأَنَّ الْمَخْلُوقَ لَا يَبْقَى عَلَى تَجَلِّي نُورِ الْخَالِقِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: مِنَ الدَّلَائِلِ الْقُرْآنِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى فَضِيلَةِ السَّلَامِ أَنَّ أَشَدَّ الْأَوْقَاتِ حَاجَةً إِلَى السَّلَامَةِ وَالْكَرَامَةِ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ: وَقْتُ الِابْتِدَاءِ، وَوَقْتُ الْمَوْتِ، وَوَقْتُ الْبَعْثِ، واللَّه تَعَالَى لَمَّا أَكْرَمَ يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّمَا أَكْرَمَهُ بِأَنْ وَعَدَهُ السَّلَامَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ فَقَالَ: وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا
مَرْيَمَ: 15 وَعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَكَرَ أَيْضًا ذَلِكَ فَقَالَ: وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ/ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا مَرْيَمَ: 33 .
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ تَعْظِيمَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً الْأَحْزَابِ: 56
يُرْوَى فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا إِذَا دَخَلُوا قَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، فَحَزِنَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِهَذَا الْمَعْنَى، فَبَعَثَ اللَّه جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالَ: إِنْ كَانَ الْيَهُودُ يَقُولُونَ السَّامُ عَلَيْكَ، فَأَنَا أَقُولُ مِنْ سُرَادِقَاتِ الْجَلَالِ: السَّلَامُ عَلَيْكَ، وَأَنْزَلَ قَوْلَهُ: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ إلى قوله: وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً.
وَأَمَّا مَا يَدُلُّ مِنَ الْأَخْبَارِ عَلَى فَضِيلَةِ السَّلَامِ فَمَا
رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللَّه بْنَ سَلَامٍ قَالَ: لَمَّا سَمِعْتُ بِقُدُومِ الرَّسُولِ