المبحث الرابع: قيمة الكتاب العلمية
لقد كان لذلك العصر الذي عاش فيه المؤلف، والذي يعتبر من أزهى العصور من الناحية العلمية، وللبيئة الخاصة التي كونت شخصية المؤلف، وهي المدرسة المالكية العراقية (١)، ولمكانة المؤلف العلمية، أقول: كان لهذا انعكاس إيجابي على هذا الكتاب، فمما لاشك فيه ما لهذه العناصر من أثر في جعل الكتاب ذا قيمة علمية، ولعل مما يبين هذه القيمة له ما يلي:
١. كونه مختصر لأصل عظيم مفقود، استفاد منه العلماء قديماً وحديثاً، وأكثروا من النقل عنه، كالجصاص، وابن العربي، وأبي الوليد الباجي، وابن عبد البر، وابن قدامة، والقرطبي، وابن القيم، وابن حجر، وغيرهم، ذلكم الأصل هو (أحكام القرآن) للقاضي إسماعيل بن إسحاق المالكي، الذي قال عنه الخطيب البغدادي: له كتاب أحكام القرآن لم يسبق إلى مثله. (٢)
فتبرز قيمة هذا الكتاب من قيمة أصله.
٢. بإخراج هذا الكتاب ونشره يكون أقدم كتاب - مطبوع كامل (٣) - في أحكام القرآن.
٣. ثناء العلماء على هذا الكتاب، فقد سبق قول ابن أبي زيد القيرواني: وإذا دخلت العراق، فاكتب ما تجد لأهل الوقت من الخلاف والحجة، وإن كانت لك رغبة في الرد على المخالفين من أهل العراق والشافعي: فكتاب ابن الجهم إن وجدته، وإلا اكتفيت بكتاب الأبهري إن كسبته، وكتاب الأحكام لإسماعيل القاضي، وإلا اكتفيت باختصارها للقاضي ابن العلاء. (٤).
وهذا قول معتبر من إمام معتبر عند المالكية وغيرهم.
(١) انظر الحالة العلمية لعصر المؤلف ص: ١٩.
(٢) تاريخ بغداد: ٦/ ٢٨٥.
(٣) هناك كتب أحكام القرآن للطحاوي (٣٢١ هـ) أقدم منه، لكنه ناقص.
(٤) مخطوط الذب عن مذهب مالك، نقلت هذا النص عن: الجدل الفقهي عند مالكية بغداد، د. محمد العلمي: ١٣٣، المدرسة المالكية العراقية، د. حميد لحمر: ٥٠٨.