وقال القاضي عياض: وألف بكر كتباً جليلة منها: كتاب الأحكام المختصر من كتاب إسماعيل بن إسحاق بالزيادة عليه. (١)
وقال الذهبي: ومؤلفه في الأحكام نفيس. (٢)
٤. وما يدل على قيمته العلمية أيضاً ما حواه من الأحاديث والآثار في تفسير الآيات، وبيان الأحكام، ما لا يوجد في غالب كتب أحكام القرآن، فهذا الكتاب يعد بحق من كتب تفسير الأحكام بالمأثور.
٥. ما حواه من طرق للأحاديث والآثار - وإن كانت قليلة - قد لا تكون في غيره، مما يكون له الأثر الواضح في تقوية الأحاديث والآثار، وذلك بتعدد طرقها.
٦. ما حواه من أقوال وآراء للإمام مالك في التفسير والفقه، قد لا توجد في غيره، وخاصة أقواله في التفسير.
٧. بروز شخصية المؤلف في التصحيح والتضعيف، والاختيار والترجيح.
٨. دقته في نسبة الأقوال لأصحابها، مقدماً أقوال السلف على غيرهم.
٩. اعتماده للمنهج الصحيح في التفسير من تقديم تفسير القرآن بالقرآن، ثم بالسنة، ثم بأقوال السلف، ثم باللغة.
١٠. تصديه لأهل الأهواء والبدع، الطاعنين في سلف هذه الأمة، متبعاً ما كان عليه أهل السنة والجماعة في الاعتقاد.
وأخيراً فإن قيمة الكتاب تظهر ببيان ما له وما عليه، وقد ذكرت طرفاً مما له هنا، وذكرت طرفاً آخر عند الحديث عن منهجه.
وأما ما عليه: فقد سبق ذكر أهم ذلك - وهي قليلة في هذا البحر الزاخر - عند الحديث عن منهجه: كتضعيفه لبعض الأحاديث والآثار الصحيحة، أو تضعيفها دون النظر إلى طرقها التي تتقوى بها، وكذلك شدته على المخالف المخالفة لأدب الحوار والمناظرة.
فالعصمة يأباها الله إلا لكتابه، وكل يؤخذ من قوله ويرد إلا المعصوم - صلى الله عليه وسلم -، وهكذا كل جهد بشر قابل للتصحيح والتوجيه.
نسأل الله عز وجل أن يعفو عنا وعنه، وأن يجزل له الأجر على ما قدم، وأن ينفع بعلمه وبهذا الكتاب.
(١) ترتيب المدارك: ٥/ ٢٧١.
(٢) سير أعلام النبلاء: ١٥/ ٥٣٨.