ومن سورة يوسف - عليه السلام -
قال الله عز وجل: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} (١).
ليس في ذكر عدد الدراهم واختلافهم فيها فائدة، إلا أن معنى بخس: أنها قليلة نَزِرَة (٢)، دون ما يساوي مثله لو كان عبدا وحَلَّ بيعه.
وقالوا في {مَعْدُودَةٍ} عشرين درهما (٣)، وغير ذلك من نقصان وزيادة (٤)، والمعنى فيه: أن الدراهم كانت تعد ولا توزن (٥).
{وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} (٦) غير مريدين لشرائه.
وقيل: وأظهرت الواردة البائعة له زهدا فيه، فهذا ما ذكر في ذلك.
واختلف قوم في اللقيط؛ فقال قوم: هو مملوك (٧).
وقال آخرون: هو حر (٨)، وهو المعمول عليه، والذي عليه أهل العلم.
(١) سورة يوسف (٢٠).
(٢) وهو قول: عكرمة، والشعبي. ينظر: الطبري في تفسيره (٧/ ١٦٩) ومعاني القرآن للنحاس (٣/ ٤٠٦).
(٣) وهو قول: ابن مسعود، وابن عباس - رضي الله عنهم -، وعكرمة، والشعبي، والسدي، وقتادة. ينظر: الطبري في تفسيره (٧/ ١٧٠) ومعاني القرآن للنحاس (٣/ ٤٠٦) وزاد المسير ص ٦٨٧.
(٤) أما الزيادة على عشرين درهما، فقد قيل به، وفيه عدة أقوال، لكن لم أجد أحدا ذكر قولا في عدد الدراهم أقل من عشرين درهما، فلعل المؤلف ـ رحمه الله ـ قصد أن الأقوال في المسألة تختلف في تحديد مقدار الدراهم زيادة في بعضها، ونقصانا في بعضها الآخر، على أنه لا كبير فائدة في بيان عدد الدراهم، وإنما هي ـ كما أخبر الله جل وعلا ـ دراهم معدودة، وثمن بخس، والله أعلم.
(٥) قال الزمخشري في الكشاف (٢/ ٢٤٧) مبينا علة ذلك: " لأنهم كانوا لا يزنون إلا ما بلغ الأوقية، وهي الأربعون، ويعدون ما دونها ".
(٦) سورة يوسف (٢٠).
(٧) قاله إبراهيم النخعي. ينظر: المحلى (٨/ ٢٧٤) والمغني (٥/ ٧٤٧).
(٨) هو قول جماهير أهل العلم، ولم ينقل إلا خلاف النخعي، حتى حكى ابن المنذر الإجماع على ذلك. ينظر: الإجماع لابن المنذر (١/ ٣٢٥) والمغني (٥/ ٧٥٥).