قال الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} إلى قوله: {عَذَابٍ أَلِيمٍ} (١).
قال ابن عباس وابن عمر: سواء العاكف فيه والباد في المسجد الحرام (٢).
وقال جماعة من المفسرين مثل ذلك (٣).
وأما العاكف: فهم أهل مكة، وأما البادي: فهم أهل البادية ومن سلكها من أهل القرى وسائر الأمصار.
وقال آخرون: الناس في رباع مكة سواء من احتاج سكن، وروي ذلك من طرق الشيوخ: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر ـ رحمة الله عليهما ـ قُبِضُوا وما تدعى رباع مكة إلا السوائب (٤)، من احتاج سكن ومن استغنى أسكن) (٥)
وروى عبيد الله (٦) عن نافع (٧) عن ابن عمر: أن عمر كان نهى أن تغلق دور مكة في زمان الحاج، وأن الناس كانوا ينزلون منها حيثما وجدوه فارغا، حتى كانوا يضطربون البساط في جوف الدور (٨).
وقال ابن عباس: إن عمر - رضي الله عنه - جعل أسفل الوادي وأعلاه مناخا للحاج، وجعل جِيَاد (٩) وقُعَيْقِعَان (١٠) للمريحين (١١) ومذاهب الناس (١٢).
وقال عكرمة وسئل عن كراء منازل مكة: لا بأس بذلك، قد اشترى عمر ابن الخطاب - رضي الله عنه - بأربعة آلاف جعلها سجنا (١٣).
وقال عطاء: كانوا يكرهون أجرة الدور بمكة (١٤).
(١) سورة الحج (٢٥).
(٢) قول ابن عباس أخرجه الطبري في تفسيره (٩/ ١٢٨) والطحاوي شرح معاني الآثار (٤/ ٥١) والطبراني في الكبير (١٢/ ٦٧).
وأما قول ابن عمر فقد عزاه في فتح الباري (٣/ ٥٢٧) والدر المنثور (٦/ ٢٥) إلى مسند عبد بن حميد.
(٣) أخرجه الطبري في تفسيره (٩/ ١٢٩) وشرح معاني الآثار (٤/ ٥١) عن عطاء.
وقول سعيد بن جبير والحسن أخرجه عنهما ابن أبي شيبة ٣/ ٤٢٦ كتاب الحج، باب قوله: سواء العاكف فيه والباد.
(٤) قال في شرح سنن ابن ماجه (١/ ٢٢٤): " السوائب جمع سائبة، ومعناه: الشيء المهمل، فيطلق على العبد إذا أسقط سيده الولاء ... وعلى الأرض إذا تركت بغير ملك".
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة ٣/ ٣٣١ كتاب الحج، باب في بيع رباع مكة وابن ماجه ٢/ ٢٠٠ كتاب الحج، باب أجر بيوت مكة والدارقطني ٣/ ٤٤ كتاب البيوع والبيهقي ٦/ ٣٥ كتاب البيوع، باب ما جاء في بيع دور مكة عن علقمة الكناني، وقال: هذا منقطع، وقال ابن حجر في الفتح (٣/ ٥٢٦): " وفي إسناده انقطاع وإرسال".
(٦) هو: عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، أبو بكر المدني، قال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث، مات قبل سنة ١٠٦ هـ. ينظر: طبقات ابن سعد (٥/ ١٠٤) وتهذيب التهذيب (٤/ ١٩).
(٧) هو: نافع مولى عبد الله بن عمر، أبو عبد الله، أصابه عبد الله في غزاة، قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، توفي بالمدينة سنة ١١٧ هـ. ينظر: طبقات ابن سعد (٥/ ٢١٩) وتهذيب التهذيب (٥/ ٥٨٩).
(٨) أخرجه الفاكهي في أخبار مكة (٣/ ٢٤٧) عن عبيد الله به، لكن قال: الفساطيط بدل البساط.
(٩) جياد وأَجْياد واحد، وهو: موضع بمكة مما يلي الصفا، واختلف في سبب تسميته بهذا، ومما قيل: إنه سمي بذلك لأن تُبَّعًا لما قدم مكة ربط خيله فيه فسمي بذلك. ينظر: معجم ما استعجم (١/ ١١٥) معجم البلدان (١/ ١٠٥).
(١٠) قُعَيْقِعَان بالضم ثم الفتح بلفظ التصغير، اسم جبل بمكة، قيل: إنما سمي بذلك لأن قُطُورَاء وجُرْهما لما تحاربوا قعقعت الأسلحة فيه. ينظر: معجم البلدان (٤/ ٣٧٩).
(١١) قال في اللسان مادة: روح: " بالفتح، هو الموضع الذي يروح إليه القوم أَو يَروحُونَ منه، كالمَغْدَى الموضع الذي يُغْدَى منه ".
(١٢) جزء من أثر أخرجه الفاكهي في أخبار مكة (٣/ ٢٤٤).
(١٣) لم أجده عن عكرمة مع طول البحث، وقد أخرجه عبد الرزاق ٥/ ١٤٧ كتاب المناسك، باب الكراء في الحرم .. والبيهقي ٦/ ٣٤ كتاب البيوع، باب ما جاء في بيع دور مكة .. عن عمرو بن دينار، بنحوه.
(١٤) أخرجه الفاكهي في أخبار مكة (٣/ ٢٤٨) عن عطاء، بنحوه.