وكان ابن عمر لا يمس المصحف إلا وهو طاهر، وقال مثل ذلك إبراهيم والحكم وحماد (١).
وقال مالك بن أنس: لا يحمل أحد المصحف أحد بعلاقته، ولا على وسادة، إلا وهو طاهر (٢).
وإنما كره ذلك إكراما للقرآن وتعظيما له، وقد يحتمل أن يكون الله تبارك وتعالى أراد الكتاب الذي عنده؛ ويُعظَّم هذا لأنه نسخته وهو كلام الله جل جلاله فلا يمسه منا إلا طاهر إذ كان الأصل يمسه المطهرون، والله أعلم.
قال الله تبارك وتعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} (٣)
قال ابن عباس: بالأنواء، يقولون: مطرنا بنوء كذا ونوء كذا، ذلك كفر بما أنعم به عليهم (٤).
وقال الحسن ومجاهد: مطرنا بنوء كذا، يقول: قولوا: من عند الله ورزقه (٥).
قال عبيد الله بن عبد الله (٦) عن زيد بن خالد: ? مطر الناس ليلا فأصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ألم تسمعوا ما قال ربكم الليلة؟ قال: ما أنعمت على عبادي من نعمة إلا أصبح فريق منهم بها كافرين، فأما من آمن بي وحمدني على سقياي، فذلك الذي آمن بي
(١) تقدمت الإحالة إلى من أخرج أقوالهم في أول كلام المؤلف ـ رحمه الله ـ على هذه المسألة.
(٢) ينظر: الموطأ (١/ ١٧٧).
(٣) سورة الواقعة (٨٢).
(٤) أخرجه الطبري في تفسيره (١١/ ٦٦٢) بنحوه.
(٥) قول مجاهد فهو في تفسيره (٢/ ٦٥٣) وأخرجه الطبري في تفسيره (١١/ ٦٦٣).
وأما قول الحسن فلم أجده بهذا السياق، وأخرج الطبري أنه قال في قوله: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}: خسر عبد لا يكون حظه من كتاب الله إلا التكذيب.
(٦) عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، أبو عبد الله المدني، أحد فقهاء المدينة ومعلم عمر بن عبد العزيز، توفي سنة ٩٥ هـ. ينظر: طبقات ابن سعد (٥/ ١٢٧) وتهذيب التهذيب (٤/ ١٨).