سادسا: الاستدلال بالقرآن على معنى قرره.
ومثال ذلك ما ورد عند قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} (١) قال: " والآية توجب على كل من وعد وعدا لا إثم فيه، أن يفي به، وكل من ألزم نفسه طاعة أو عملا فيه طاعة، أن يفي به ويدوم عليه، ويسأل الله التوفيق والمعونة، ألا تراه قال: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} الآية (٢)، فلما بخلوا بما وَعَدوا فيما أُعْطُوا {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} " (٣).
سابعا: الاستدلال بالقرآن على رد قول المخالف.
في مسألة الاستثناء في اليمين، رد على قول من رأى: جواز الاستثناء في أي وقت ذكر، قال: " وأما قول من قال: أي وقت ذكر ولو بعد سنين؛ فهذا قول يبطل حكم آية محكمة، وليس إلى ذلك من سبيل، قال الله عز وجل: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنَّا يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} (٤) الآية، وقال: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} (٥) فلو كان يستثني أي وقت ذكر لم يكن للكفارة موضع" (٦).
الفقرة الثانية: في الاحتجاج بالأحاديث.
لم يختلف أهل الإسلام في أن السنة هي المصدر الثاني من مصادر التشريع فهي الموضحة لكتاب الله، المبينة لأحكامه، المفصلة لحلاله وحرامه، فضلا عما استقلت به من أحكام وشرائع، ولذا قرر المؤلف مكانة السنة في بيانها للقرآن ومنزلتها، حيث يقول: " ومنه ما بيّنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالحكمة التي أعطاه الله، يقول الله ـ عز وجل ـ: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} (٧) وقوله: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (٨) " (٩).
وفضلا عن هذا فقد كان المؤلف من الحفاظ المعتنين برواية الحديث، فلا عجب بعد هذا أن تكون له عناية خاصة بأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -، إذ بلغت الأحاديث التي أوردها في كتابه؛ ما يزيد عن مائتي حديث، دون عَدَّ الطرق والمتابعات (١٠).
(١) سورة الصف (٢).
(٢) سورة التوبة (٧٥).
(٣) ينظر من هذه الرسالة: سورة الصف الآية رقم (١).
(٤) سورة المائدة (٨٩).
(٥) سورة المائدة (٨٩).
(٦) ينظر من هذه الرسالة: سورة الكهف الآية رقم (٢٤).
(٧) سورة الأحزاب (٣٤).
(٨) سورة النحل (٤٤).
(٩) مقدمة الكتاب اللوحة رقم (٢).
(١٠) هذا الحصر يقتصر على الجزء الذي قمت بتحقيقه.