التأسيس (١) على غير أصل ممهد، ولا طريق موطد.
وإنما فضلت العربية على غيرها، لاعتدالها في الوضع.
لذلك وضع أصلها
على أن أكثرها هو (٢) بالحروف المعتدلة، فقد أهملوا الألفاظ / المستكرهة في نظمها، وأسقطوها من كلامهم، وجعلوا عامة (٣) لسانهم على الاعدل.
ولذلك صار أكثر كلامهم من الثلاثي، لأنهم بدءوا بحرف وسكتوا على آخر، وحعلوا حرفاً وصلة بين الحرفين، ليتم الابتداء والانتهاء على ذلك.
والثنائي أقل.
وكذلك الرباعي والخماسي أقل، ولو كان ثنائيا لتكررت الحروف.
ولو كان كله رباعيا أو (٤) خماسيا لكثرت الكلمات.
وكذلك بني أمر الحروف التي ابتدئ بها السور على هذا: فأكثر هذه السور التي ابتدئت بذكر الحروف، ذكر فيها ثلاثة أحرف.
وما هو أربعة أحرف سورتان.
وما ابتدئ بخمسة أحرف سورتان.
فأما ما بدئ بحرف واحد فقد اختلفوا فيه: فمنهم من لم يجعل ذلك حرفا، وإنما جعله فعلا واسما لشئ خاص.
ومن جعل ذلك حرفاً قال: أراد أن يحقق الحروف مفردها ومنظومها.
ولضيق ما سوى كلام العرب، أو لخروجه عن الاعتدال - يتكرر (٥) في بعض الألسنة الحرف الواحد في الكلمة الواحدة والكلمات المختلفة كثيراً (٦) ، كنحو تكرر الطاء والسين في لسان / يونان، وكنحو الحروف الكثيرة التى هي (٧) اسم لشئ واحد في لسان الترك، ولذلك لا يمكن أن ينظم من الشعر في تلك الألسنة على الأعاريض التي تمكن في اللغة العربية.
والعربية أشدها تمكناً، وأشرفها تصرفاً وأعدلها، ولذلك (٨) جعلت حلية لنظم القرآن، وعلق بها الإعجاز، وصار دلالة في النبوة (٩) .
* * *
(١) م " سفسافا في الوضع مختلف التأسيس " (٢) الزيادة من م
(٣) س " فجرى لسانهم " (٤) م " رباعيا وخماسيا " (٥) س، ك " يتكرر " (٦) سقطت هذه الكلمة من م (٧) م " الكثيرة هي " (٨) م " وكذلك " (٩) س، ك " وصارت دلالة في النبوة " (*)