ثم قوله: " ولو أوردته يوماً "، حشو بارد! ! ثم قوله: " حمدويه الأحول "، وحش جداً، فما أمقت هذا / البيت وأبغضه، وما أثقله وأسخفه! وإنما غطى على عينه عيبه، وزين له إيراده طمعه في الاستطراد (١) ، وهلاَّ طمع فيه على وجه لا يغض من بهجة كلامه، ولا معنى (٢) ألفاظه؟ ! فقد كان يمكن ذلك ولا يتعذر.
* * * وأما قوله: ذَنَبٌ كما سُحب الرداء يذُبُّ عن * عُرْفٍ وعرف كالقناع المُسْبَل تتوهم الجوزاءُ في أرساغه * والبدر فوق جبينه المتهلل فالبيت الأول وحش الابتداء، منقطع عما سبق من الكلام.
وقد ذكرنا أنه لا يهتدي لوصل الكلام، ونظام بعضه إلى بعضه، وإنما يتصنع لغير هذا الوجه.
وكان يحتاج أن يقول: ذنب كالرداء، فقد حذف (٣) و الوصل غير متسق ولا مليح، وكان من سبيله أن لا يخفى عليه، ولا يذهب عن مثله.
ثم قوله: " كما سحب الرداء "، قبيح في تحقيق التشبيه، وليس بواقع ولا مستقيم في العبارة، إلا على إضمار أنه ذنب يسحبه كما يسحب الرداء! / وقوله: " يذب عن عرف "، ليس بحسن ولا صادق.
والمحمود ما ذكره امرؤ القيس، وهو قوله: * فويق الأرض ليس بأعزل (٤) * وأما قوله: " تتوهم الجوزاء في أرساغه "، فهو تشبيه مليح، ولكنه لم يسبق إليه، ولا انفرد به.
(١) انظر معجم الادباء ٩ / ٢٥٠ (٢) م: " ولا يعمى " (٣) س، ك: " حذف الوصل " (٤) في المعاني الكبير لابن قتيبة ١ / ١٤٩: ضليع إذا استدبرته سد فرجه * بضاف فويق الارض ليس بأعزل ضاف: سابغ.
سد فرجه: أي فرج ما بين فخديه، يريد كثرة الذنب.
والعزل: أن يعزل ذنبه في أحد الجانبين، وذلك عادة لا خلقة " (*)