ولو نسخت لك ما قاله الشعراء في تشبيه الغرة بالهلال والبدر والنجم وغير ذلك من الأمور، وتشبيه الحجول - لتعجبت من بدائع قد وقعوا عليها، وأمور مليحة قد ذهبوا إليها، وليس ذلك موضع كلامنا، فتتبع ذلك في أشعارهم، تعلم ما وصفت لك.
واعلم أنا تركنا بقية كلامه في وصف الفرس، لأنه ذكر عشرين بيتاً في ذلك.
والذي ذكرناه في هذا المعنى يدل على ما بعده، ولا يعدو (١) ما تركناه أن يكون حسنا مقولا، ولا بديعا منقولا، أو يكون (٢) متوسطاً إلى حد لا يفوت طريقة الشعراء.
/ ولو تتبعت أقاويل الشعراء في وصف الخيل، علمت أنه وإن جمع فأوعى، وحشر فنادى، ففيهم من سبقه في ميدانه، ومنهم من ساواه في شأوه، ومنهم من داناه.
فالقبيل واحد، والنسيج متشاكل.
ولولا كراهة التطويل لنقلت جملة من أشعارهم في ذلك، لتقف على ما قلت.
فتجاوزنا إلى الكلام على ما قاله في المدح في هذه القصيدة.
* * * قال: لمحمد بن علي الشرفُ الذي * لا يلحظ الجوزاءَ إلا من علِ وسحابة لولا تتابع مُزْنِها * فينا لراح المزنُ غيرَ مُبَخَّل (٣) والجودُ يعذله عليه حاتمٌ * سرفاً ولا جودٌ لمن لم يعذل البيت الأول منقطع عما قبله، على ما وصفنا به شعره: من قطعه (٤)
(١) ك: " ولا بعده ما تركناه " (٢) الزيادة من م (٣) كذا في الاصول، وفى ديوانه: " وسماحة لولا ... غير منخل " وفى عبث الوليد ص ١٨٨ " وسماحة " قال المعرى: " الرواية غير، بالراء، وهو المعنى المتعارف الذى يتردد في الشعر، أي أنه جاد جودا غزيرا بخل معه الغمام، إذا كان قد يمسك في بعض الاعوام، وطالما هلكت السائمة والانيس لفقد المطر.
وهذا الممدوح ليس كذلك، إذ كان يجود في كل الاوقات والسنين.
وإن رويت " عين مبخل " فله معنى يصح على بعد، وذلك أنه يراد أنه عين المزن بجوده، فلا نحفل أصاب فينا المطر أم حقب، فهذا وجه.
ويحتمل أنه لما جاد فأحسبنا بالنائل كرهنا أن يبخل الغمام، إذ كان نسبة جوده في بعض الاحيان، فكأنه شفع إلينا في ترك تبخيله ".
ومعنى حقب - بكسر ففتح -: احتبس.
وأحسبنا: أي
أعطانا حتى قلنا له: حسبنا (٤) م: " في قطعه " (*)