الكذب عليه ويحثهم على الأداء عنه كما سمعُوا، ويأمرهُم بضبطه وأخذ
العلم عنه قبل فوته، فيقول: "خُذوا العلم قبل رفعه، وقبل ذهابه " في نظائر
هذه الألفاظ سنذكرُها فيما بعدُ إن شاء الله، ولا يخبرهم في شيءٍ من هذه
الأخبار بذهاب القرآن، ولا ضياع شيءٍ منه ولا بتحريفٍ وتغيير يقعُ فيه، بل يأمُرهم بالردّ إليه والعمل عليه، وفيِ هذه الخُطبةِ قال صلى الله عليه "نَضَّر
الله أمراً سمع مقالتي فحفظها وأداها فرُبَّ حامل فقه غير فقيه ورُبَّ حامل فقه
إلى من هو أفقهُ منه ".
وفي بعض الروايات: "فأداها كما سمعها فرُبَّ حامل فقه ليس بفقيه، ورُبَّ حامل فقه إلى من هو أفقهُ منه ".
ويحذرهم من الكذب عليه، ولو علم أن القرآن سيُغير ويُبدل لأخبرهم بذلك وحذرهم أيضا منه.
وقد روى أبو صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه قال:
«سَيَأْتِيكُمْ عَنِّى أَحَادِيثُ مُخْتَلِفَةٌ فَمَا جَاءَكُمْ مُوَافِقًا لِكِتَابِ اللَّهِ وَلِسُنَّتِى فَهُوَ مِنِّى وَمَا جَاءَكُمْ مُخَالِفًا لِكِتَابِ اللَّهِ وَلِسُنَّتِى فَلَيْسَ مِنِّى» (١) .
ورُويَ عن ميمون الحُضرمي أن أبا موسى الغافقى سمع عُقبة بن عامر
الجهني يُحدثُ على المنبر عن النبي صلى الله عليه أحاديث، فقال أبو موسى:
إن صاحبَكم لحافط أو هالك، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان آخرُ ما عَهِد إلينا أن قال: "عليكُم بكتابِ الله وسنتي، وسترجِعونَ إلى قوم يُحدثون الحديث عنِّي فمن قال علي ما لم أقلُ فليتبَوّأ مقعده من النار، ومن حفظ شيئا فليحدِّث به.
(١) صَالِحُ بْنُ مُوسَى ضَعِيفٌ لاَ يُحْتَجُّ بِهِ..