فأمَّا تعلقهم بقوله تعالى: (مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) .
وأنه نقيضُ قوله وأمرِه بالسجود لأنه تفنيدٌ له على أن لم يسجد، وهو قد
أخبرَ في هذه الآية أنه قد أمره أن لا يسجد فكيف يلومه على أن لا يسجد.
فإنه باطل لأنه إنما عنى أن لا يسجدَ أن يسجُد، لأنهم يقولون ما منعك ألا
تجيبني وتتبعني إذا خفت، يريدون ما منعك أن تجيبني وتتبعني فيدخلون لا
وإلا زائداً في الكلام، قال الشاعر:
وما ألومُ البِيضَ الا تَسْخَرا ... إذا رأَيْنَ الشُمْطَ القَفَندَرا
يعني: لا ألومهن إن يسخرنَ إذا رأينَ الشيْبَ.
وأمَّا تعلُّق المُلحِدةِ والقَدَرية بقوله تعالى: (وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا) ، (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) ، و (إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ) ، و (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) ، وأن ذلك أجمعُ على زعم الملحدة خاصةَ نقيضَ قوله: (هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ) ، (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ) ، وقوله: (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ) ، فإنه باطل لا تعلق
فيه لأن الآيات الأولة كلها وردت لنفي الخلق والإبداع وإكذاب من قال إنه
أو بعضُ من يعبُده يخلقُ ويبتدعُ ويخترعُ وهو بمثابة قوله: (مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ) ، و (أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ) ونحو هما مما نُفيَ به إلهٌ غير الله، وليس يجب إذا وصلَ قوله: (هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ) ، بقوله: (يَززُقُكُمْ) ، أن يكون إنما نفى بذلك خالقا غيرَ الله يرزْق على ما تزعمُ القدريَّة كما لا يجبُ إذا وصلَ قولُه: (مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ) بقوله: (يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ) ، أن يكون إنما نفى إلها غير الله يأتي بليل، ولم ينفِ إلها لا يأتي بليل، لأن هذا ليس بقولٍ لمسلمٍ أنه