وتصويراً وغيرُ خالقين لها ولا مُبْدعين لأعيانها، وقد بينا هذا وفصَّلناه في
الكلام في المخلوق بما يغني الناظرُ فيه إن شاء الله.
فأما تعلُّقهم بقوله تعالى: (قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ) ، وأنَّه نقيضُ قوله: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) ، وقوله: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا) ، ونحو ذلك فإنه باطل، لأنه لم يُرد بقوله: (فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ) المقرِّين بالولد، ولا أراد بقوله: (قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ) ، الشك في ذلك والارتيابَ به وإنما هو على معنى قول العرب إن أنكرها يقول فإني أنكر ما يقول وتقولون، واللهِ إن كان لِفلان عندي حقا، وواللهِ إن كان لِفلان ولد أي: والله مالَه عندي حقا ومالَه ولداً، فإنْ هاهنا ليسَ للشك ولا للشرط على الحقيقة، وقوله تعالى: (فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ) فإنما يعني به الآبقين الغِضابَ له من ذلك.
قال الشاعر:
متى يُشادوا الوصلَ تُصرَمُ حَبْله ... ويَعبُدْ عليه لا مَحالةَ ظالمُ
يعني بذلك أنه يأنَفُ ويُتكذب عليه.
وقد قيلَ إن العابدَ يكون بمعنى الجاحد، تقول العرب: عَبَدني حقِّي أي
جحدني، والأول أولى.
فأمَّا تعلُّق المُلْحدة بقوله: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) .
وقوله: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) ، وقوله عن أهل النار:
(لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) ، فإن ذلك أجمع نقيضُ قوله: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) ، لأنه أوجبَ بذلك الويلَ للمصلين وهو قد أمرهم بها ودعاهم إليها، ومدحَهم عليها، فإنه من الباطل الضعيف، لأنه قد وصل