سَبْقه بأن يفعل، سأل السائل أم لم يسأل، ولا جوابَ لهم عن ذلك، إلا نحو
ما قلناه، وإذا كان الطاعن بذلك منجِّما مثبتا لأحكام النجوم، قيل له، فما
معنى السعيُ والكدحُ من المنجم، والاضطرابُ في طلب الكسب والمعاش.
لماذا كانت النجوم والطوالع توجبُ حصولَ المطلوب، فلا بُد من حصوله.
وإن كانت لا تُوجبُه فلا بُدَّ من عدَمه، وعدم الانتفاع بِتَمنِّيه والسعي له، ولا جوابَ عن ذلك.
واعترضوا أيضا على قوله تعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) ، وقالوا: وما معنى هذه الشهادةُ من الله عز وجل، وأي فائدةٍ وحجةٍ فيها
على التوحيد وهي شهادة منه لنفسه؟
والجوابُ عن ذلك أن هذه الشهادةَ تنزيه منه لنفسه وتعظيم له سبحانه وتعالى عمّا يقول المشركون المتخذون معه إلها غيره.
وشيء آخر وهو أنَّه يجوزُ أن يكون معنى شهادتِه لنفسه بذلك هو ما
أظهَره من إتقان صُنْعه وعجيبِ تَدْبيره في كل حادثٍ وإلزامه إمارة الصُّنْع
والالتجاء إلى صانعٍ صَنَعه ومدبر دبَّره لتقومَ دلالةُ أفعالِه على وحدانيته مقامَ
الشهادَةِ بذلك، كما يقال: أفعال زيدٍ تشهدُ بعدالته وتُقاه، وأفعالُ فلانٍ
تشهدُ بفجورِه وفسوقِه، يعني بذلك أنَّها تَدلُّ دلالةَ الشهادة عليه وله بذلك، ومعنى شهادةُ الملائكة وأُولي العلم له بذلك، هو إيضاحُهم لهذه الأدلّة
والتنبيه عليها والدعاءُ إلى النظر فيها، فيكون تنبيههم قائما مقامَ الشهادة به، فبطل ما ظنوه.
قالوا: ومما لا معنى له، ومن الإحالة في القول قولُه تعالى في قصة
عيسى: (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ) ، قالوا: وما الفائدة في أن
يُرفع إليه أو إلى ملائكته ميتا، وكيفَ يَرفعه إليه حيا أو ميتا