اعتقاده، لأن دينه الذي يعتقده أن يدخل مع كل قوم فيما يهوونه، وأن كل دين على اختلاف الأديان كلها ينجر باطنه إلى المخازي التي يعتقدونها، فلم يظهر لنا منه ما يخالف مقتضى اعتقاده، فكان كاليهودي إذا قال لا إله إلا الله.
وهذا دقيق حسن، وقد شرحنا هذه المسألة من الأصول ومسائل الخلاف.
واعلم أن في الآية إشكالا، من حيث إن الله تعالى قال:
(إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً) . الآية (94) .
وذلك يمنع جزم الحكم بإسلامه، والتشكك من أمره، من غير أن يحكم له بالكفر ولا الإيمان، كالذي يخبر بالخبر ولا يعلم صدقه من كذبه، فلا يجوز لنا تكذيبه، وليس ترك تكذيبه مما يقتضي تصديقه، كذلك ما وصفنا من مقتضى الآية: ليس فيه إثبات الإيمان ولا الكفر إنما فيه الأمر بالتثبت حتى يتبين حاله، إلا أن الآثار التي ذكرناها قد أوجبت الحكم بإسلامه، فإنه عليه السلام قال: أقتلت مسلما؟ أو قتلته بعد ما أسلم.
وفيه أيضا سرّ آخر، وهو أنا ربما نقول إنا لا نعلم إسلامه الذي هو إسلام حقيقة عند الله تعالى، وربما غلب على ظننا كذبه، ولكن تجرى عليه أحكام الإسلام.
قوله تعالى: (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) الآية (95) .
يدل على أن كثرة الجزاء على قدر شرف العمل، وأن الذي لا