فإن حملنا على قصر الصفة، لم يشترط فيه الضرب في الأرض.
وإن حملنا على قصر الركعات، لم يعتبر فيه الخوف، فسقط ترجيحه أحد الحملين على الآخر، باعتبار الشرطين فيه.
الثاني: أن في الأخبار ما يدل على أن المراد بكتاب الله تعالى ما قلناه، وهو ما روي عن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: كيف نقصر وقد أمنّا؟ وقال الله تعالى: (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ) الآية، فقال:
عجبت مما عجبت، فسألت النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: «صدقه تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته» «1» .
وقوله لرسول الله صلّى الله عليه وسلم: ما لنا لا نقصر وقد أمنّا؟ دليل قاطع على أن مفهوم الآية القصر في الركعات، ولم يذكر أصحاب أبي حنيفة على هذا تأويلا يساوي الذكر.
وإذا قالوا لم يشرع الله في السفر إلا ركعتين، فليست الأربعة مشروعة، وإذا لم تكن الأربعة مشروعة ما دام السفر، فلم صح الاقتداء بالمقيم، وإذا اقتدي به، فلم لزمته الأربع؟ وقد قالوا: لو اقتدي به في التشهد لزمه الأربع، ومالك يشترط إدراك ركعة.
فإن قيل لنا: وعندكم، لم لزمته الأربع؟
قيل: إن نوى الأربع، فليلزمه الأربع، وإن لم ينو فلا، فهو صحيح على أصلنا.
فأما عندهم فاختلاف الصلاتين يمنع القدوة، وهذا بيّن.