الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} التوبة: 29 إلَى قَوْلِهِ: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} التوبة: 29.
وَقَالَ هَاهُنَا: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} التوبة: 36: يَعْنِي مُحِيطِينَ بِهِمْ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَحَالَةٍ، فَمَنَعَهُمْ ذَلِكَ مِنْ الِاسْتِرْسَالِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى {كَافَّةً} التوبة: 36: مَصْدَرُ حَالٍ، وَوَزْنُهُ فَاعِلَةً، وَهُوَ غَرِيبٌ فِي الْمَصَادِرِ، كَالْعَافِيَةِ وَالْعَاقِبَةِ، اُشْتُقَّ مِنْ كِفَّةِ الشَّيْءِ، وَهُوَ حَرْفُهُ الَّذِي لَا يَبْقَى بَعْدَهُ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ عَامَّةً وَخَاصَّةً، وَلَا يُثَنَّى شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُجْمَعُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ الطَّبَرِيُّ: مَعْنَاهُ مُؤْتَلِفِينَ غَيْرَ مُخْتَلِفِينَ، فَرُدَّ ذَلِكَ إلَى الِاعْتِقَادِ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْفِعْلِ وَالِاعْتِقَادِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} التوبة: 36: يَعْنِي بِالنَّصْرِ وَعْدًا مَرْبُوطًا بِالتَّقْوَى، فَإِنَّمَا تَنْصُرُونَ بِأَعْمَالِكُمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.
الْآيَة الْمُوفِيَة عشرين قَوْله تَعَالَى إنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} التوبة: 37.
فِيهَا ثَمَانِي مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْله تَعَالَى {النَّسِيءُ} التوبة: 37: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدِهِمَا: أَنَّهُ الزِّيَادَةُ، يُقَالُ: نَسَأَ يَنْسَأُ، إذَا زَادَ؛ قَالَهُ الطَّبَرِيُّ.
الثَّانِي: أَنَّهُ التَّأْخِيرُ.
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: يُقَالُ أَنْسَأْت الشَّيْءَ إنْسَاءً، وَنَسَاءَ اسْمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ، وَلَهُ مَعَانٍ كَثِيرَةٍ.